الجواب: ما شككت بل تحققت أنك وصاحبك على الحق وأنا على الباطل وقد ندمت على ما كان مني وأي توبة لشاك غير متحقق.
فهذه الأخبار وما شاكلها تعارض أخبارهم لو كان لها ظاهر يشهد بالتوبة وإذا تعارضت الاخبار في التوبة والاصرار سقط الجميع وتمسكنا بما كنا عليه من أحكام فسقهم وعظيم ذنبهم.
وليس لهم أن يقولوا: إن كل ما رويتموه من طريق الآحاد وذلك إن جميع أخبارهم بهذه المثابة وكثير مما رويناه أظهر مما رووه وأفشى فإن كان من طريق الآحاد فالأمران سيان.
وأما توبة طلحة فالامر فيها أضيق على المخالف من الكلام في توبة الزبير لان طلحة قتل بين الصفين وهو مباشر للحرب مجتهد فيها ولم يرجع عنها حتى أصابه السهم فأتى على نفسه.
وادعاء توبة مثل هذا مكابرة.
فإن قيل: أليس قد روي أن أمير المؤمنين لما جاءه ابن جرموز برأس الزبير قال: " بشر قاتل ابن صفية بالنار " فلو لم يكن تائبا لما استحق النار بقتله.
قيل لهم: إن ابن جرموز غدر بالزبير وقتله بعد أن أعطاه الأمان وكان قتله على وجه الغيلة والمكر وهذه منه معصية لا شبهة فيها وقد تظاهر الخبر بما ذكرناه حتى روي أن عاتكة بنت زيد بن عمرو بن نفيل وكانت تحت عبد الله بن أبي بكر فخلف عليها عمر ثم الزبير قالت في ذلك:
غدر ابن جرموز بفارس بهمة * يوم اللقاء وكان غير معرد يا عمرو لو نبهته لوجدته * لا طائشا رعش اللسان ولا اليد فإنما استحق ابن جرموز النار بقتله إياه غدرا لا لان المقتول في الجنة.