على جلالته وفضله، وإطباقهم على عظمته وعلمه، وهو - بحق - آية من آيات الرحمن في فنون شتى، وقمر في السماء بين النجوم والكواكب، إذ هو العلامة الفهامة، غواص بحار الأنوار ببياناته، ومستخرج لآلي الاخبار بتتبعاته، وجامع كنوز الآثار باستقصاءاته، الذي قل له قرين في عصره - فضلا عن من كان قبله أو جاء بعده - إذ أفنى عمره في ترويج الدين وإحياء شريعة سيد المرسلين صلوات الله عليه وعلى آله الطيبين، ودفع أباطيل المبطلين، وزيغ المنحرفين، وجهل الجاهلين، تصنيفا وتأليفا، وأمرا ونهيا، قامعا للمعتدين، ومزيفا للمبدعين، وداحضا للمعاندين، وهاديا للضالين، ومرشدا للغاوين، ورادا للمخالفين من أهل الأهواء والبدع والزيغ والضلال.
ولنطوي عن ترجمته صفحا، فما في " الفيض القدسي " لشيخنا النوري، وما رصف في أول المجلد الأول من موسوعته، وما كتبه عنه كل من ترجم له وألف عنه - معاصرا كان أو متأخرا عنه - يغنينا عن التطويل، وإن كان معتقدنا أن ما ذكروه فيه وعنه نزر يسير، وأقل من القليل.
* * * * * وبعد كل هذا نعود إلى كتابنا، فقد كان ولا زال - بحق - مصدرا لكل من طلب بابا من أبواب علوم آل محمد صلوات الله عليه وعليهم، ومنبعا لكل من بحث عن الحق والحقيقة، إذ قد استعان به كل من جاء بعده، فكان عيالا عليه، وناهلا منه.. لا لكون أكثر منابع المصنف طاب ثراه تعد من الكتب المعتمدة والأصول المعتبرة - التي لم يتسن إلى يومنا هذا الحصول على بعضها - فحسب.. بل لما فيه من بيانات شافية، وتبويب رائع، وإحاطة واسعة، ومنهجية ممتازة، وهو - من ثم - يشبع الموضوع - إلى حد ما - تحقيقا وتدقيقا، وبيانا وتوضيحا، مع كل ما فيه من برمجة وتنسيق فريد في نوعه.
فكل من وعى واطلع يعرف أن (البحار) موسوعة حديثية نادرة، ودرة