وأنتم (1) في رفاهية من العيش، وادعون فاكهون آمنون، تتربصون بنا الدوائر، وتتوكفون الاخبار، وتنكصون عند النزال، وتفرون عند (2) القتال، فلما اختار الله لنبيه دار أنبيائه، ومأوى أصفيائه، ظهر فيكم حسيكة (3) النفاق، وسمل جلباب الدين، ونطق كاظم الغاوين، ونبغ خامل الأقلين، وهدر فنيق المبطلين، فخطر في عرصاتكم، واطلع الشيطان رأسه من مغرزه هاتفا بكم، فألفاكم لدعوته مستجيبين، وللغرة (4) فيه ملاحظين، ثم استنهضكم فوجدكم خفافا، وأحمشكم (5) فألفاكم غضابا، فوسمتم غير إبلكم، وأوردتم غير شربكم (6)، هذا والعهد قريب، والكلم رحيب، والجرح لما يندمل، والرسول لما يقبر، ابتدارا زعمتم خوف الفتنة [ألا في الفتنة سقطوا وإن جهنم لمحيطة بالكافرين] (7)، فهيهات منكم! وكيف بكم؟! وأنى تؤفكون؟ وكتاب الله بين أظهركم، أموره ظاهرة، وأحكامه زاهرة، وأعلامه باهرة، وزواجره لائحة، وأوامره واضحة، قد (8) خلفتموه وراء ظهوركم، أرغبة عنه تريدون (9)..؟، أم بغيره تحكمون؟! [بئس للظالمين بدلا] (10)، [ومن يبتغ غير الاسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين] (11)، ثم (12) لم تلبثوا إلا ريث أن تسكن نفرتها، ويسلس قيادها،
(٢٢٥)