وإنفاذا لمقادير حتمه (1)، فرأى الأمم فرقا في أديانها، عكفا على نيرانها، عابدة لأوثانها، منكرة لله مع عرفانها، فأنار الله بمحمد (2) صلى الله عليه وآله ظلمها، وكشف عن القلوب بهمها، وجلى عن الابصار غممها، وقام في الناس بالهداية، وأنقذهم (3) من الغواية، وبصرهم من العماية، وهداهم إلى الدين القويم، ودعاهم إلى الطريق المستقيم، ثم قبضه الله إليه قبض رأفة واختيار، ورغبة وإيثار بمحمد (4) صلى الله عليه وآله عن (5) تعب هذه الدار في راحة، قد حف بالملائكة الأبرار، ورضوان الرب الغفار، ومجاورة الملك الجبار، صلى الله على أبي نبيه وأمينه على الوحي وصفيه (6) وخيرته من الخلق ورضيه (7)، والسلام عليه ورحمة الله وبركاته.
ثم التفت (8) إلى أهل المجلس، وقالت: أنتم عباد الله نصب أمره ونهيه، وحملة دينه ووحيه، وأمناء الله على أنفسكم، وبلغاؤه إلى الأمم، وزعمتم حق لكم لله (9) فيكم عهد (10) قدمه إليكم، وبقية استخلفها عليكم، كتاب الله الناطق، والقرآن الصادق، والنور الساطع، والضياء اللامع، بينة بصائره،