اتخذي من الجبال بيوتا ومن الشجر ومما يعرشون) قال: ما بلغ من النحل (1) أن يوحى إليها بل فينا نزلت، فنحن النحل، ونحن المقيمون لله في أرضه بأمره، و الجبال شيعتنا، والشجر النساء المؤمنات (2).
3 - قال: ويؤيده ما وجدته في مزار بالحضرة الغروية سلام الله على مشرفها في زيارة جامعة وهذا لفظه: اللهم صل على الفئة الهاشمية، والمشكاة الباهرة النبوية والدوحة المباركة الأحمدية، والشجرة الميمونة الرضية، التي تنبع (3) بالنبوة وتتفرع بالرسالة، وتثمر بالإمامة، وتغذي ينابيع الحكمة، وتسقى من مصفى العسل، والماء العذب الغدق الذي فيه حياة القلوب، ونور الابصار، الموحى إليه بأكل الثمرات، واتخاذ البيوتات من الجبال والشجر ومما يعرشون السالك سبل ربه، التي من رام غيرها ضل، ومن سلك سواها هلك، يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس المستمع الواعي، القائل (4) الداعي (5).
بيان: قد عرفت في كثير من الاخبار أن ما في القرآن مما ظاهره في غذاء الأجساد ونمو الأبدان والتذاذها، فباطنه في قوت القلوب وغذاء الأرواح، و توقير الكمالات، كتأويل الماء والنور والضياء بالعلم والحكمة، فلا غرو في التعبير عنهم عليهم السلام بالنحل، لمظلوميتهم بين الخلق وإخفائهم ما في بطونهم من العلم الذي هو شفاء القلوب، ودواء الصدور، وغذاء الأرواح، فيخرج منهم شراب مختلف ألوانه من أنواع العلوم والمعارف والحكم المتنوعة، التي لا تحصى، وكذا لاعجب في التعبير عن العرب بالجبال لثباتهم ورسوخهم في الامر، وكونهم قبائل مجتمعة، وكذا استعارة الشجر للعجم لكونهم متفرقين، ولكثرة منافعهم، وشدة انقيادهم وقابليتهم، وكذا استعارة ما يعرشون للموالي، لأنهم ملحقون كأنهم