وجاء في الحديث من طريق العامة، عن عبد الله بن عمر بن الخطاب أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: من مات وليس في عنقه بيعة لامام (1)، أوليس في عنقه عهد الامام مات ميتة جاهلية.
وروى كثير منهم أنه عليه السلام قال: من مات وهو لا يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية.
وهذان الخبران يطابقان المعني في قول الله تعالى: " يوم ندعو كل أناس بامامهم فمن أوتي كتابه بيمينه فأولئك يقرؤن كتابه ولا يظلمون فتيلا (2) ".
فإن قال الخصوم: إن الامام ههنا هو الكتاب، قيل لهم: هذا انصراف عن ظاهر القرآن بغير حجة توجب ذلك ولا برهان، لان ظاهر التلاوة يفيد أن الامام في الحقيقة هو المقدم في الفعل والمطاع في الأمر والنهي، وليس يوصف بهذا الكتاب، إلا أن يكون على سبيل الاتساع والمجاز، والمصير إلى الظاهر من حقيقة الكلام أولى إلا أن يدعو إلى الانصراف عنه الاضطرار وأيضا فان أحد الخبرين يتضمن ذكر البيعة والعهد للامام، ونحن نعلم أنه لا بيعة للكتاب في أعناق الناس ولا معنى لان يكون له عهد في الرقاب، فعلم أن قولكم في الامام: إنه الكتاب غير صواب.
فإن قالوا: ما تنكرون أن يكون الامام المذكور في الآية هو الرسول؟ قيل لهم: إن الرسول قد فارق الأمة بالوفاة، وفي أحد الخبرين أنه إمام الزمان، و هذا يقتضي أنه حي ناطق موجود في الزمان، فأما من مضى بالوفاة فليس يقال:
إنه إمام إلا على معنى وصفنا للكتاب بأنه إمام، ولولا أن الامر (3) كما ذكرناه لكان إبراهيم الخليل عليه السلام إمام زماننا، لأنا عاملون بشرعه متعبدون بدينه، وهذا فاسد إلا على الاستعارة والمجاز، وظاهر قول النبي صلى الله عليه وآله: " من مات وهو لا يعرف