لم يسوقوا الهدي فقالوا (1): يا رسول الله والمقصرين، فقال: " رحم الله المقصرين ".
ثم رحل رسول الله صلى الله عليه وآله نحو المدينة فرجع إلى التنعيم ونزل تحت الشجرة، فجاء أصحابه الذين أنكروا عليه الصلح واعتذروا وأظهروا الندامة على ما كان منهم و سألوا رسول الله صلى الله عليه وآله أن يستغفر لهم، فنزل آية الرضوان.
وقال علي بن إبراهيم في قوله: " هو الذي أنزل السكينة " الآية (2) فهم الذين لم يخالفوا رسول الله صلى الله عليه وآله ولم ينكروا عليه الصلح، ثم قال: " ليدخل المؤمنين و المؤمنات " إلى قوله: " الظانين بالله ظن السوء عليهم دائرة السوء (3) " هم الذين أنكروا الصلح واتهموا رسول الله صلى الله عليه وآله (4).
ونزلت في بيعة الرضوان: " لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة " اشترط عليهم أن لا ينكروا بعد ذلك على رسول الله صلى الله عليه وآله شيئا يفعله، ولا يخالفوه في شئ يأمرهم به، فقال الله عز وجل بعد نزول آية الرضوان: " إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم فمن نكث فإنما ينكث على نفسه ومن أوفى بما عاهد عليه الله فسيؤتيه أجرا عظيما " وإنما رضي عنهم بهذا الشرط أن يفوا بعد ذلك بعهد الله وميثاقه، ولا ينقضوا عهده وعقده، فبهذا العقد رضي عنهم (5)، فقد قدموا (6) في التأليف آية الشرط على بيعة الرضوان، وإنما نزلت أولا بيعة الرضوان، ثم آية الشرط عليهم فيها.