بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٢٠ - الصفحة ٣٠
ومن معه، وتراجع المشركون، وقتل من المسلمين سبعون رجلا، ونادى مناد قتل محمد، ثم من الله على المسلمين فرجعوا، وفي ذلك نزلت الآية، فالوعد قول النبي صلى الله عليه وآله للرماة: " لا تبرحوا هذا المكان فإنا لا نزال غالبين ما ثبتم في مكانكم ".
" إذ تحسونهم " أي تقتلونهم " بإذنه " أي بعلمه أو بلطفه " حتى إذا فشلتم " أي جبنتم عن عدوكم " وتنازعتم في الامر " أي اختلفتم " وعصيتم " امر نبيكم في حفظ المكان " من بعدما أريكم ما تحبون " من النصرة على الكفار وهزيمتهم والغنيمة، وأكثر المفسرين على أن المراد بالجميع يوم أحد، وقال الجبائي:
إذ تحسونهم يوم بدر حتى إذا فشلتم يوم أحد والأول أولى، وجواب " إذا " محذوف، وتقديره حتى إذا فعلتم ذلك ابتلاكم وامتحنكم ورفع النصرة عنكم " منكم من يريد الدنيا " يعني الغنيمة، وهم الذين أخلوا المكان الذي رتبهم النبي صلى الله عليه وآله فيه " ومنكم من يريد الآخرة " أراد عبد الله بن جبير، ومن ثبت مكانه " ثم صرفكم عنهم " فيه وجوه:
أحدها أنهم كانوا فريقين منهم من عصى بانصرافه، ومنهم من لم يعص، لأنهم قلوا بعد انهزام تلك الفرقة فانهزموا (1) بإذن الله لئلا يقتلوا، لان الله أوجب ثبات المائة للمائتين، فإذا نقصوا لا يجب عليهم ذلك، فجاز أن يذكر الله الفريقين بأنه صرفهم " وعفى عنهم " يعني صرف بعضهم، وعفى عن بعض عن الجبائي.
وثانيها " أن معناه رفع النصر عنكم ووكلكم إلى أنفسكم بخلافكم للنبي عليه السلام فانهزمتم عن جعفر بن حرب (2).
وثالثها: أن معناه لم يأمركم بمعاودتهم من فورهم " ليبتليكم " بالمظاهرة في الانعام عليكم والتخفيف عنكم عن البلخي " ليبتليكم " أي يعاملكم معاملة المختبر " ولقد عفا عنكم " أي صفح عنكم بعد أن خالفتم أمر الرسول، وقيل: عفا عنكم تتبعهم بعد أن أمركم بالتتبع لهم عن البلخي، قال لما بلغوا حمراء الأسد عفا عنهم

(1) في المصدر: فانصرفوا بإذن الله.
(2) لم يذكر الوجه الثاني في المصدر، ولعله سقط عن المطبوع.
(٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 ... » »»
الفهرست