بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٢٠ - الصفحة ٢٧
انصرف رسول الله صلى الله عليه وآله أدركه أبي خلف الجمحي وهو يقول: لا نجوت إن نجوت، فقال القوم يا رسول الله ألا يعطف عليه رجل منا؟ فقال: دعوه حتى إذا دنا منه، وكان أبي قبل ذلك يلقى رسول الله صلى الله عليه وآله فيقول: عندي رمكة اعلفها كل يوم فرق ذرة أقتلك عليها، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " بل أنا أقتلك إن شاء الله تعالى " فلما كان يوم أحد ودنا منه تناول رسول الله صلى الله عليه وآله الحربة من الحرث بن الصمة ثم استقبله فطعنه في عنقه، فخدش خدشة فتدهدأ (1) عن فرسه، وهو يخور خوار الثور وهو يقول: قتلني محمد، فاحتمله أصحابه وقالوا: ليس عليك بأس، فقال: بلى لو كانت هذه الطعنة بربيعة ومضر لقلتهم (2) أليس قال لي: أقتلك؟ فلو بزق علي بعد تلك المقالة لقتلني، فلم يلبث إلا يوما حتى مات، قال: وفشا في الناس أن رسول الله صلى الله عليه وآله قد قتل، فقال بعض المسلمين: ليت لنا رسولا إلى عبد الله بن أبي فيأخذ لنا أمانا من أبي سفيان، وبعضهم جلسوا وألقوا بأيديهم، وقال أناس من أهل النفاق فالحقوا بدينكم الأول وقال أنس بن النضر عم أنس بن مالك يا قوم إن كان محمد قد قتل فإن رب محمد لم يقتل، وما تصنعون بالحياة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله فقاتلوا على ما قاتل عليه رسول الله، وموتوا على ما مات عليه، ثم قال: اللهم إني أعتذر إليك مما يقوله هؤلاء، يعني المنافقين (3)، وأبرأ إليك مما جاء به هؤلاء، يعني المنافقين، ثم شد بسيفه فقاتل حتى قتل، ثم إن رسول الله صلى الله عليه وآله انطلق إلى الصخرة وهو يدعو الناس، فأول من عرف رسول الله صلى الله عليه وآله كعب بن مالك قال: عرفت عينيه تحت المغفر تزهران، فناديت بأعلى صوتي: يا معاشر المسلمين هذا رسول الله (4)، فأشار إلي: أن اسكت فانحازت إليه طائفة من أصحابه فلامهم النبي صلى الله عليه وآله على الفرار فقالوا: يا رسول الله فديناك بآبائنا وأمهاتنا أتانا الخبر أنك قتلت (5) فرعبت

(1) في المصدر: فتدهده وهو الصحيح.
(2) قلت: هلك وفي المصدر يقتلهم.
(3) في المصدر: يعنى المسلمين.
(4) في المصدر يا معشر المسلمين أبشروا فهذا رسول الله.
(5) في المصدر: بأنك قتلت.
(٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 ... » »»
الفهرست