بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٢٠ - الصفحة ٢٨
قلوبنا فولينا مدبرين، فأنزل الله تعالى هذه الآية: " وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل " يعني أنه بشر اختاره الله لرسالته، وقد مضت (1) قبله رسل بعثوا فأدوا الرسالة ومضوا وماتوا، وقتل بعضهم، وإنه يموت كما ماتت الرسل، فليس الموت بمستحيل عليه ولا القتل، وقيل: أراد أن أصحاب الأنبياء لم يرتدوا عند موتهم أو قتلهم فاقتدوا بهم " أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم " فسمي الارتداد انقلابا على العقب وهو الرجوع القهقرى " ومن ينقلب على عقبيه " أي من يرتدد عن دينه " فلن يضر الله شيئا " بل مضرته عائدة عليه " وسيجزي الله الشاكرين " أي المطيعين (2).
قوله تعالى: " وما كان لنفس أن تموت إلا بإذن الله " قال البيضاوي: أي بمشية الله أو بإذنه لملك الموت (3)، والمعنى أن لكل نفس أجلا مسمى في علمه تعالى وقضائه لا يستأخرون ساعة (4) ولا يستقدمون بالاحجام عن القتال والاقدام عليه " كتابا " مصدر مؤكد، أي كتب الموت كتابا " مؤجلا " صفة له، أي موقتا لا يتقدم ولا يتأخر " ومن يرد ثواب الدنيا نؤته منها " تعريض بمن شغلتهم الغنائم يوم أحد " ومن يرد ثواب الآخرة نؤته منها " أي من ثوابها " وسنجزي الشاكرين " الذين شكروا نعمة الله فلم يشغلهم شئ من الجهاد " وكأين " أصله " أي " دخلت الكاف عليها وصارت بمعنى " كم " والنون تنوين أثبت في الخط على غير قياس " من نبي " بيان له " قتل (5) معه ربيون كثير " ربانيون علماء أتقياء أو عابدون لربهم وقيل: جماعات، والربي منسوب إلى الربة، وهي الجماعة للمبالغة " فما

(1) في المصدر: اختاره الله لرسالته إلى خلقه، قد مضت.
(2) مجمع البيان 2: 498 - 514.
(3) في المصدر: أو باذنه لملك الموت في قبض روحه.
(4) في المصدر: لا يستأخرون عنه ساعة.
(5) هكذا في النسخ والصحيح: (قاتل) كما في المصحف والمصدر.
(٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 ... » »»
الفهرست