بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٢٠ - الصفحة ١٠٨
وأنت في حل من بيعتك فأما علي فهو أنا، وأنا هو، فتحول وجلس بين يدي النبي صلى الله عليه وآله وبكى، وقال: لا والله، ورفع رأسه إلى السماء وقال: لا والله لا جعلت نفسي في حل من بيعتي، إني بايعتك، فإلى من أنصرف يا رسول الله؟ إلى زوجة تموت، أو ولد يموت، أو دار تخرب، ومال يفنى، وأجل قد اقترب؟ فرق له النبي صلى الله عليه وآله فلم يزل يقاتل حتى أثخنته الجراحة وهو في وجه، وعلي في وجه فلما اسقط احتمله علي عليه السلام فجاء به إلى النبي صلى الله عليه وآله فوضعه عنده، فقال: يا رسول الله أوفيت ببيعتي؟ قال: نعم، وقال له النبي صلى الله عليه وآله: خيرا، وكان الناس يحملون على النبي صلى الله عليه وآله الميمنة فيكشفهم علي عليه السلام، فإذا كشفهم أقبلت الميسرة إلى النبي صلى الله عليه وآله فلم يزل كذلك حتى تقطع سيفه بثلاث قطع، فجاء إلى النبي صلى الله عليه وآله فطرحه بين يديه وقال: هذا سيفي قد تقطع، فيومئذ أعطاه النبي صلى الله عليه وآله ذا الفقار، فلما رأى النبي صلى الله عليه وآله اختلاج ساقيه من كثرة القتال رفع رأسه إلى السماء وهو يبكي وقال: " يا رب وعدتني أن تظهر دينك وإن شئت لم يعيك " فأقبل علي عليه السلام إلى النبي صلى الله عليه وآله فقال: يا رسول الله أسمع دويا شديدا، وأسمع أقدم حيزوم، وما أهم أضرب أحدا إلا سقط ميتا قبل أن أضربه، فقال: هذا جبرئيل وميكائيل وإسرافيل والملائكة (1)، ثم جاء جبرئيل فوقف إلى جنب رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: يا محمد إن هذه هي المواساة، فقال: إن عليا مني وأنا منه فقال جبرئيل عليه السلام وأنا منكما، ثم انهزم الناس فقال رسول الله صلى الله عليه وآله لعلي عليه السلام: يا علي امض بسيفك حتى تعارضهم، فإن رأيتهم قد ركبوا القلاص وجنبوا الخيل فإنهم يريدون مكة، وإن رأيتهم قد ركبوا الخيل وهم يجنبون القلاص فإنهم يريدون المدينة، فأتاهم علي عليه السلام فكانوا على القلاص، فقال أبو سفيان لعلي عليه السلام: يا علي ما تريد هو ذا نحن ذاهبون إلى مكة، فانصرف إلى صاحبك، فأتبعهم جبرئيل عليه السلام، فكلما سمعوا

(1) في المصدر: في الملائكة.
(١٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 103 104 105 106 107 108 109 110 111 112 113 ... » »»
الفهرست