بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٩ - الصفحة ٧٤
عن البلد، فوقف على باب الدار فنظر إلى أثر رجل محمد صلى الله عليه وآله، فقال: هذه أثر قدم محمد، وهي والله أخت القدم التي في المقام، ومضى به على أثره حتى إذا صار إلى الموضع الذي لقيه فيه أبو بكر، قال: هنا قد صار مع محمد آخر، وهذه قدمه، إما أن تكون قدم أبي قحافة أو قدم ابنه، فمضى على ذلك إلى باب الغار، فانقطع عنه الأثر، وقد بعث الله قبجة (1) فباضت على باب الغار، وبعث الله العنكبوت فنسجت على باب الغار، فقال: ما جاز محمد هذا الموضع، ولا من معه، إما أن يكونا صعدا إلى السماء أو نزلا في الأرض، فإن باب هذا الغار كما ترون عليه نسج العنكبوت، والقبجة حاضنة على بيضها بباب الغار (2)، فلم يدخلوا الغار، وتفرقوا في الجبل يطلبونه.
ومنها: أن أبا بكر اضطرب في الغار اضطرابا شديدا خوفا من قريش فأراد الخروج إليهم، فقعد واحد من قريش مستقبل الغار يبول، فقال أبو بكر: هذا قد رآنا، قال: كلا لو رآنا ما استقبلنا بعورته، وقال له النبي صلى الله عليه وآله: " لا تخف إن الله معنا " لن يصلوا إلينا فلم يسكن اضطرابه، فلما رأى صلى الله عليه وآله ذلك منه رفس (3) ظهر الغار فانفتح منه باب إلى بحر وسفينة، فقال له: أسكن الآن، فإنهم إن دخلوا من باب الغار خرجنا من هذا الباب وركبنا السفينة، فسكن عند ذلك، فلم يزالوا إلى أن يمسوا في الطلب فيئسوا وانصرفوا، ووافى ابن الأريقط بأغنام يرعاها إلى باب الغار وقت الليل يريد مكة بالغنم، فدعاه رسول الله صلى الله عليه وآله وقال: أفيك مساعدة لنا؟ قال: إي والله، فوالله ما جعل الله هذه القبجة على باب الغار حاضنة لبيضها، ولا نسج العنكبوت عليه إلا وأنت صادق، فأنا أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، (4) فقال: الحمد لله على هدايتك، فصر الآن إلى علي فعرفه موضعنا، ومر بالغنم إلى أهلها إذ نام

(1) القبج: طائر يشبه الحجل، وقيل: هو معرب كبك.
(2) في نسخة: على باب الغار.
(3) رفسه: ضربه. رفس اللحم ونحوه: دقه.
(4) في نسخة: وأنك رسول الله.
(٧٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 69 70 71 72 73 74 75 76 77 78 79 ... » »»
الفهرست