بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٩ - الصفحة ٥٢
يريدون بها الكثرة وتوفر العدد، وأنهم جاؤوا جميعا لم يتخلف منهم أحد، وليس هناك بكرة في الحقيقة، وهي التي يستقى عليها الماء، فاستعيرت في هذا الموضع، و قال الجوهري: الندوة والنادي: مجلس القوم ومتحدثهم (1)، ومنه سميت دار الندوة بمكة التي بناها قصي، لأنهم كانوا يندون فيها، أي يجتمعون فيها للمشاورة انتهى والدس: الاخفاء. والدسيس: من تدسه ليأتيك بالاخبار. قوله: وههنا غير ابن أبي قحافة، لعله استفهام إنكاري، أي ليس ههنا أحد يشبه قدمه هذا القدم إلا ابن أبي قحافة، وفي بعض النسخ عبر بالعين المهملة والباء الموحدة كما في (عم) وهو أصوب أي أشار إلى موضع عبوره أو مبدأ لحوقه، وعلى الأول يحتمل أن لا يكون استفهاما إنكاريا، بل يكون إشارة إلى موضع قدم شخص آخر (2) تبعهما إلى الغار ثم رجع كما سيأتي.
9 - تفسير العياشي: عن زرارة وحمران ومحمد بن مسلم، عن أحدهما عليهما السلام أن قريشا اجتمعت فخرج من كل بطن أناس، ثم انطلقوا إلى دار الندوة ليشاوروا فيما يصنعون برسول الله صلى الله عليه وآله، فإذا هم بشيخ قائم على الباب، وإذا ذهبوا إليه ليدخلوا قال: أدخلوني معكم، قالوا: ومن أنت يا شيخ قال: أنا شيخ من مضر، ولي رأي أشير به عليكم، فدخلوا وجلسوا وتشاوروا وهو جالس، وأجمعوا أمرهم على أن يخرجوه، فقال: ليس هذا لكم برأي: إن أخرجتموه أجلب (3) عليكم الناس فقاتلوكم، قالوا: صدقت ما هذا برأي، ثم تشاوروا فأجمعوا أمرهم على أن يوثقوه (4)، قال: هذا ليس بالرأي إن فعلتم هذا ومحمد رجل حلو اللسان أفسد عليكم أبناء كم وخدمكم، وما ينفعكم أحدكم إذا فارقه (5) أخوه وابنه أو امرأته، ثم تشاوروا فأجمعوا أمرهم على أن

(1) متحدث القوم: الموضع الذي يتحدثون فيه.
(2) وهو هند بن أبي هالة، أو عبد الله بن أريقط الليثي على اختلاف يأتي في الاخبار، و اختار المقريزي الثاني في إمتاع الأسماع: 39.
(3) أجلب: أجمع.
(4) أي يشدوه بالوثاق. والوثاق: ما يشد به من قيد وحبل ونحوهما.
(5) أي فارق أحدكم اخوه وابنه أو امرأته، أي لا ينفع أحدكم أن تصلب في دينه ولم يقبل قول محمد وهو يفسد على عشيرته دينهم فيفارقونه وفي نسخة: وما ينفع أحدكم، وهو الموجود في البرهان أيضا.
(٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 ... » »»
الفهرست