بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٩ - الصفحة ٣٦
والوليد بن المغيرة، وغيرهم من أهل مكة، فتنهم المشركون فأعطوهم بعض ما أرادوا ثم إنهم هاجروا بعد ذلك وجاهدوا فنزلت الآية فيهم " وقلبه مطمئن " أي ساكن " بالايمان " ثابت عليه، فلا حرج عليه في ذلك " ولكن من شرح بالكفر صدرا " أي من اتسع قلبه للكفر وطابت نفسه به " من بعد ما فتنوا " أي عذبوا في الله و ارتدوا على الكفر فأعطوهم بعض ما أرادوا ليسلموا من شرهم " ثم جاهدوا " مع النبي صلى الله عليه وآله " وصبروا " على الدين والجهاد " إن ربك من بعدها " أي من بعد تلك الفتنة أو الفعلة التي فعلوها من التفوه بكلمة الكفر (1).
وقال في قوله تعالى: " يا عبادي الذين آمنوا ": قيل: إنها نزلت في المستضعفين من المؤمنين بمكة، أمروا بالهجرة عنها، ونزل قوله: " وكأين من دابة " في جماعة كانوا بمكة يؤذيهم المشركون، فأمروا بالهجرة إلى المدينة، فقالوا: كيف نخرج إليها وليس لنا بها دار ولا عقار؟ من يطعمنا ومن يسقينا؟ " إن أرضي واسعة " فاهربوا من أرض يمنعكم أهلها من الايمان والاخلاص في عبادتي.
وقال أبو عبد الله عليه السلام: معناه إذا عصي الله في أرض أنت فيها فاخرج منها إلى غيرها " وكأين من دابة " أي وكم من دابة لا يكون رزقها مدخرا معدا، وقيل:
معناه لا يطيق حمل رزقها لضعفها، وتأكل بأفواهها (2).
وفي قوله تعالى: " من قريتك ": يعني مكة " التي أخرجتك " أي أخرجك أهلها، والمعنى كم من رجال هم أشد من أهل مكة " أهلكناهم فلا ناصر لهم " يدفع عنهم إهلاكنا إياهم، فما الذي يؤمن هؤلاء أن أفعل بهم مثل ذلك (3).
قوله تعالى: واهجرهم هجرا جميلا " ذهب المفسرون إلى أن المراد مجانبتهم ومداراتهم وعدم مكافأتهم، ولا يبعد أن يكون المراد الهجرة من مكة إلى المدينة.

(1) مجمع البيان 6: 387 و 388.
(2) مجمع البيان 8: 290 و 291.
(3) مجمع البيان 9: 100.
(٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 ... » »»
الفهرست