بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٩ - الصفحة ٤٠
والله رؤوف بالعباد (1) ".
أقول: وساق حديث الغار إلى أن قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله حين أتى الغار دعا بشجرة فأتته فأمرها أن تكون على باب الغار، وبعث الله حمامتين فكانتا على فم الغار، و نسج العنكبوت على فم الغار، ثم أقبل فتيان قريش، وكان أبو جهل قد أمر مناديا ينادي بأعلى مكة وأسفلها: من جاء بمحمد أو دل عليه فله مائة بعير، أو جاء بابن أبي قحافة أو دل عليه فله مائة بعير، فلما رأوا الحمامتين ونسج العنكبوت على فم الغار انصرفوا فدعا النبي صلى الله عليه وآله للحمام، وفرض جزاءهن، وانحدرن في الحرم، ونهى عن قتل العنكبوت، وقال: هي جند من جنود الله.
وروي عن عبد الله بن بريدة، عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وآله كان لا يتطير، وكان يتفأل، وكانت قريش جعلت مائة من الإبل فيمن يأخذ نبي الله صلى الله عليه وآله فيرده عليهم حين توجه إلى المدينة، فركب بريدة (2) في سبعين راكبا من أهل بيته من بني سهم، فتلقى نبي الله صلى الله عليه وآله، فقال نبي الله صلى الله عليه وآله: من أنت؟ قال: أنا بريدة، فالتفت إلى أبي بكر فقال: يا أبا بكر برد أمرنا وصلح، ثم قال: وممن أنت؟ قال: من أسلم قال صلى الله عليه وآله: سلمنا، قال: ممن؟ قال: من بني سهم، قال: خرج سهمك، فقال بريدة للنبي صلى الله عليه وآله: من أنت؟ فقال: أنا محمد بن عبد الله رسول الله، فقال بريدة: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، فأسلم بريدة وأسلم من كان معه جميعا فلما أصبح قال بريدة للنبي صلى الله عليه وآله: لا تدخل المدينة إلا ومعك لواء، فحل عمامته ثم شدها في رمح، ثم مشى بين يديه فقال: يا نبي الله تنزل علي؟ فقال له النبي صلى الله عليه وآله: إن ناقتي هذه مأمورة، قال بريدة: الحمد لله أسلمت بنو سهم طائعين غير مكرهين (3).

(١) البقرة: ٢٠٧.
(2) من المدينة متوجها إلى مكة. والرجل هو بريدة بن الحصيب أبو سهل الأسلمي.
(3) المنتقى في مولد المصطفى: الفصل الثاني في خروجه صلى الله عليه وآله وخروج أبى بكر إلى الغار.
(٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 ... » »»
الفهرست