وأما السنة فهي أنه روي عن محمد بن إسحاق بن (1) خزيمة أنه سئل عن هذه القصة فقال: هذا من وضع الزنادقة، وصنف فيه كتابا.
وقال الإمام أبو بكر البيهقي: هذه القصة غير ثابتة من جهة النقل، ثم أخذ يتكلم في أن رواة هذه القصة مطعونون، وأيضا فقد روى البخاري في صحيحه أنه صلى الله عليه وآله قرأ سورة (والنجم) وسجد فيها المسلمون والمشركون والانس والجن وليس فيه حديث الغرانيق (2)، وروي هذا الحديث من طرق كثيرة وليس فيها البتة حديث الغرانيق وأما المعقول فمن وجوه: أحدها: أن من جوز على الرسول صلى الله عليه وآله تعظيم الأوثان فقد كفر، لان من المعلوم بالضرورة أن أعظم سعيه صلى الله عليه وآله كان في نفي الأوثان.
وثانيها: أنه صلى الله عليه وآله ما كان يمكنه في أول الأمر أن يصلي ويقرأ القرآن عند الكعبة آمنا لأذى المشركين له حتى كانوا ربما مدوا أيديهم إليه، وإنما كان يصلي إذا لم يحضروها ليلا أو في أوقات خلوة، وذلك يبطل قولهم.
وثالثها: أن معاداتهم للرسول صلى الله عليه وآله كانت أعظم من أن يقروا بهذا القدر من القراءة دون أن يقفوا على حقيقة الامر، فكيف أجمعوا على أنه عظم آلهتهم حتى خروا سجدا مع أنه لم يظهر عندهم موافقته لهم.
ورابعها: قوله: " فينسخ الله ما يلقي الشيطان ثم يحكم الله آياته " وذلك أن إحكام (3) الآيات بإزالة تلقية الشيطان عن الرسول أقوى من نسخه بهذه الآيات التي تنتفي الشبهة (4) معها، فإذا أراد الله تعالى إحكام الآيات لئلا يلتبس ما ليس بقرآن قرآنا فبأن يمنع الشيطان من ذلك أصلا أولى.
وخامسها: وهو أقوى الوجوه أنا لو جوزنا ذلك ارتفع الأمان عن شرعه، وجوزنا