حتى أرضعها ثم أعود فتربطني، فقال: أخاف أن لا تعودي، قالت: جعل الله علي عذاب العشارين إن لم أعد، فخلى سبيلها، فخرجت وحكت لخشفيها ما جرى، فقالا:
لا نشرب اللبن وضامنك رسول الله في أذى منك، فخرجت مع خشفيها إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وأثنت عليه، وجعلا يمسحان رؤوسهما برسول الله، فبكى اليهودي وأسلم، وقال: قد أطلقتها، واتخذ هناك مسجدا، فخنق (1) رسول الله صلى الله عليه وآله في أعناقها بسلسلة، وقال:
حرمت لحومكم على الصيادين، ثم قال: لو أن البهائم يعلمون من الموت الخبر.
وفي رواية زيد: فأنا والله رأيتها تسبح في البرية وهي تقول: لا إله إلا الله، محمد رسول الله.
وروي أن الرجل اسمه أهيب بن سماع (2).
عروة بن الزبير: إنه لما فتح خيبر كان في سهم رسول الله صلى الله عليه وآله أربعة أزواج ثقالا، وأربعة أزواج خفافا، وعشرة أواقي ذهبا وفضة، وحمار أقمر (3)، فلما ركبه رسول الله نطق، وقال: يا رسول الله أنا عفير، ملكني ملك اليهود، وكنت عضوضا جموحا (4) غير طائع، فقال له: هل لك من أب (5)؟ قال: لا، لأنه كان منا سبعون مركبا للأنبياء، والآن نسلنا منقطع لم يبق غيري، ولم يبق غيرك من الأنبياء، وبشرنا بذلك زكريا عليهم السلام، فكان رسول الله صلى الله عليه وآله يبعثه إلى باب الرجل فيأتي الباب فيقرعه برأسه، فإذا خرج إليه صاحب الدار أومأ إليه: أن أجب رسول الله صلى الله عليه وآله، فلما قبض النبي صلى الله عليه وآله أتلف نفسه في بئر لأبي (6) الهيثم بن التيهان فصار قبره.
وروى أبو جعفر نحوا منه في علل الشرائع.