الضب، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا أخا العرب فأخرجه من جرابك أستشهده (1) فيشهد لي بالنبوة، ولأخي هذا بالفضيلة، فقال الاعرابي: لقد تعبت في اصطياده، وأنا خائف أن يطفر (2) ويهرب، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: لا تخف فإنه لا يطفر ولا يهرب، بل يقف ويشهد لنا بتصديقنا وتفضيلنا، فقال الاعرابي أخاف أن يطفر، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: فإن طفر فقد كفاك به تكذيبا لنا، واحتجاجا علينا، ولن يطفر ولكنه سيشهد لنا بشهادة الحق، فإذا فعل ذلك فخل سبيله، فإن محمدا يعوضك عنه ما هو خير لك منه، فأخرجه الاعرابي من الجراب ووضعه على الأرض، فوقف واستقبل رسول الله صلى الله عليه وآله، ومرغ خديه في التراب ثم رفع رأسه، وأنطقه الله تعالى فقال: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وصفيه، وسيد المرسلين، وأفضل الخلق أجمعين، وخاتم النبيين، وقائد الغر المحجلين، وأشهد أن أخاك علي بن أبي طالب على الوصف الذي وصفته، وبالفضل الذي ذكرته، وأن أولياءه في الجنان مكرمون، وأن أعداءه في النار خالدون (3)، فقال الاعرابي وهو يبكي: يا رسول الله وأنا أشهد بما شهد به هذا الضب فقد رأيت وشاهدت وسمعت ما ليس لي عنه معدل ولا محيص، ثم أقبل الاعرابي على اليهود فقال: ويلكم أي آية بعد هذه تريدون، ومعجزة بعد هذه تقترحون؟ ليس إلا أن تؤمنوا أو تهلكوا أجمعين، فآمن أولئك اليهود كلهم وقالوا: عظمت بركة ضبك علينا يا أخا العرب، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا أخا العرب خل الضب على أن يعوضك الله عز وجل عنه ما هو خير منه، فإنه ضب مؤمن بالله وبرسوله وبأخي رسوله، شاهد بالحق، ما ينبغي أن يكون مصيدا ولا أسيرا، ولكنه يكون مخلى سربه، تكون له مزية (4) على سائر الضباب بما فضله الله أميرا، فناداه الضب: يا رسول الله فخلني وولني تعويضه لأعوضه، فقال الاعرابي وما عساك توضني؟ قال: تذهب بي إلى الجحر الذي أخذتني منه ففيه عشرة آلاف دينار
(٤٢٠)