" أن تسألوا رسولكم " وذلك أن النبي صلى الله عليه وآله قصده عشرة من اليهود يريدون أن يتعنتوه (1) ويسألوه عن أشياء يريدون أن يعانتوه بها، فبينما هم كذلك إذ جاء أعرابي كأنه يدفع في قفاه قد علق على عصا على عاتقه جرابا مشدود الرأس فيه شئ قد ملأه لا يدرون ما هو؟
فقال يا محمد أجبني عما أسألك، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا أخا العرب قد سبقك اليهود (2) أفتأذن لهم حتى أبدأ بهم؟ قال الاعرابي: لا فإني غريب مجتاز، فقال رسول الله فأنت إذا أحق منهم لغربتك واجتيازك، فقال الاعرابي: ولفظة أخرى، قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ما هي؟ قال: إن هؤلاء أهل الكتاب يدعونه بزعمهم (3) حقا، ولست آمن أن تقول شيئا يواطؤونك عليه، ويصدقونك ليفتنوا (4) الناس عن دينهم وأنا لا أقنع بمثل هذا، لا أقنع إلا بأمر بين فقال رسول الله صلى الله عليه وآله؟ أين علي بن أبي طالب؟ فدعي بعلي عليه السلام فجاء حتى قرب من رسول الله صلى الله عليه وآله، فقال الاعرابي يا محمد: وما تصنع بهذا في محاورتي وإياك (5)؟ قال: يا أعرابي سألت البيان وهذا البيان الشافي، وصاحب العلم الكافي، أنا مدينة الحكمة وهذا بابها، فمن أراد الحكمة والعلم فليأت الباب، فلما مثل بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله قال رسول الله بأعلى صوته: يا عباد الله من أراد أن ينظر إلى آدم في جلالته، وإلى شيث في حكمته، وإلى إدريس في نباهته ومهابته، وإلى نوح في شكره لربه وعبادته، وإلى إبراهيم في وفائه وخلته وإلى موسى في بغض كل عدو لله ومنابذته، وإلى عيسى في حب كل مؤمن ومعاشرته (6) فلينظر إلى علي بن أبي طالب هذا، فأما المؤمنون فازدادوا بذلك إيمانا، وأما المنافقون فازداد نفاقهم.
فقال الاعرابي: يا محمد هكذا مدحك لابن عمك، إن شرفه شرفك، وعزه عزك ولست أقبل من هذا شيئا إلا بشهادة من لا يحتمل شهادته بطلانا ولا فسادا، بشهادة هذا