ثم رأيت النبي صلى الله عليه وآله وقد مد يده إلى شئ وقد شرب وسقى عليا حتى قدرت أنهما قد شربا ريهما، ثم رأيت الغمامة وقد ارتفعت، ونزلا فركبا وسارا وسرت معهما والتفت النبي صلى الله عليه وآله فرأى في وجهي تغيرا، فقال: ما لي أرى وجهك متغيرا؟! فقلت:
ذهلت (1) مما رأيت، فقال: فرأيت ما كان؟ فقلت: نعم فداك أبي وأمي يا رسول الله، قال: يا أنس والذي خلق ما يشاء لقد أكل من تلك الغمامة ثلاث مأة وثلاثة عشر نبيا وثلاث مأة وثلاثة عشر وصيا، ما فيهم نبي أكرم على الله مني، ولا فيهم وصي أكرم على الله من علي (2).
بيان: الدارة: ما أحاط بالشئ، قوله: ذهلت، أي غفلت عن كل شئ لدهشة ما رأيت، وفي بعض النسخ: وهلت، أي فزعت وهو أظهر.
18 - أمالي الطوسي: ابن حشيش، عن علي بن القاسم بن يعقوب، عن محمد بن الحسين بن مطاع، عن أحمد بن حسن القواس (3)، عن محمد بن سلمة الواسطي، عن يزيد بن هارون، عن حماد ابن سلمة، عن ثابت، عن أنس بن مالك قال: ركب رسول الله صلى الله عليه وآله ذات يوم بغلته فانطلق إلى جبل آل فلان، وقال: يا أنس خذ البغلة، وانطلق إلى موضع كذى وكذى تجد عليا جالسا يسبح بالحصا فأقرئه مني السلام واحمله على البغلة وأت به إلي، قال أنس:
فذهبت فوجدت عليا عليه السلام كما قال رسول الله صلى الله عليه وآله فحملته على البغلة فأتيت به إليه، فلما أن بصر برسول الله صلى الله عليه وآله قال: السلام عليك يا رسول الله، قال: وعليك السلام يا أبا الحسن اجلس فإن هذا موضع قد جلس فيه سبعون نبيا مرسلا، ما جلس فيه من الأنبياء أحد إلا وأنا خير منه، وقد جلس في موضع كل نبي أخ له ما جلس من الاخوة أحد إلا وأنت خير منه، قال أنس: فنظرت إلى سحابة قد أظلتهما ودنت من رؤوسهما، فمد النبي صلى الله عليه وآله يده إلى السحابة فتناول عنقود عنب فجعله بينه وبين علي، وقال: كل يا أخي، فهذه هدية من الله تعالى إلي ثم إليك، قال أنس: فقلت: يا رسول الله علي