في صحراء لا يرى طرفاها، ثم يقول بيده هكذا (1)، ويقول: أطلعي يا أيتها المودعات لمحمد وأنصاره ما أودعكها الله من الأشجار والأثمار (2) وأنواع الزهر والنبات، فتطلع من الأشجار الباسقة والرياحين المونقة والخضرات النزهة ما يتمتع به القلوب والابصار، و يتجلى (3) به الهموم والأفكار، ويعلمون أنه ليس لأحد من ملوك الأرض مثل صحرائهم على ما تشتمل عليه من عجائب أشجارها، وتهدل أثمارها (4)، واطراد أنهارها، وغضارة رياحينها، وحسن نباتها، ومحمد هو الذي لما جاءه رسول أبي جهل يتهدده ويقول: يا محمد إن الخيوط التي في رأسك هي التي ضيقت عليك مكة، ورمت بك إلى يثرب. وإنها لا تزال بك حتى تنفرك (5) وتحثك على ما يفسدك ويتلفك (6) إلى أن تفسدها على أهلها، و تصليهم حر نار (7) تعديك طورك، وما أرى ذلك إلا وسيؤول إلى أن تثور عليك قريش ثورة رجل واحد لقصد آثارك (8)، ودفع ضررك وبلائك، فتلقاهم بسفهائك المغترين بك، و يساعد (9) على ذلك من هو كافر بك مبغض لك، فيلجئه إلى مساعدتك ومظاهرتك خوفه لان يهلك بهلاكك، ويعطب عياله بعطبك، يفتقر هو ومن يليه بفقرك، وبفقر متبعيك (10) إذ يعتقدون أن أعدائك إذا قهروك ودخلوا ديارهم عنوة لم يفرقوا بين من والاك وعاداك، و اصطلموهم باصطلامهم لك وأتوا على عيالهم وأموالهم بالسبي والنهب، كما يأتون على عيالك وأموالك، وقد أعذر من أنذر (11) وبالغ من أوضح، أديت هذه الرسالة إلى محمد وهو بظاهر
(٣٤٢)