على هذا الجبل، وعلى هذا الجبل، فقال أناس: سحرنا محمد، فقال رجل: إن كان سحركم فلم يسحر الناس كلهم، وقد روى حديث انشقاق القمر جماعة كثيرة من الصحابة، منهم عبد الله بن مسعود، و أنس بن مالك، وحذيفة بن اليمان، وابن عمر، وابن عباس، وجبير بن مطعم، وعبد الله بن عمر، و عليه جماعة من المفسرين إلا ما روي عن عثمان بن عطاء عن أبيه أنه قال: معناه وسينشق القمر، وروي ذلك عن الحسن، وأنكره أيضا البلخي، وهذا لا يصح، لان المسلمين أجمعوا على ذلك فلا يعتد بخلاف من خالف فيه، ولان اشتهاره بين الصحابة يمنع من القول بخلافه، ومن طعن في ذلك بأنه لو وقع لما كان يخفى على أحد من أهل الأقطار فقوله باطل، لأنه يجوز أن يكون الله تعالى قد حجبه عن أكثرهم بغيم وما يجري مجراه ولأنه قد وقع ذلك ليلا فيجوز أن يكون الناس كانوا نياما فلم يعلموا بذلك، على أن الناس ليس كلهم يتأملون ما يحدث في السماء وفي الجو من آية وعلامة، فيكون مثل انقضاض الكواكب وغيره مما يغفل الناس عنه، وإنما ذكر سبحانه " اقتربت الساعة " مع " انشق القمر (1) " لان انشقاقه من علامة نبوة نبينا صلى الله عليه وآله، ونبوته وزمانه من أشراط الساعة (2) " وإن يروا آية يعرضوا " هذا إخبار من الله تعالى عن عناد كفار قريش، و إنهم إذا رأوا آية معجزة أعرضوا عن تأملها، والانقياد لصحتها عنادا وحسدا " ويقولوا سحر مستمر " أي قوي شديد يعلو على كل سحر، وهو من إمرار الحبل وهو شدة فتله، واستمر الشئ: إذا قوي واستحكم، وقيل: معناه ذاهب (3) مضمحل لا يبقى، وقال المفسرون: لما انشق القمر قال مشركوا قريش: سحرنا محمد، فقال الله سبحانه:
" وإن يروا آية يعرضوا " عن التصديق والايمان بها، قال الزجاج: وفي هذا دلالة على أن ذلك قد كان ووقع.
وأقول: ولأنه تعالى قد بين أنه يكون آية على وجه الاعجاز، وإنما يحتاج