قال، فجاؤوا إلى أبي طالب فصادفوه ودعوه إلى دعوة لهم، فلما حضر رسول الله صلى الله عليه وآله قدموا إليه وإلى أبي طالب والملا (1) من قريش دجاجة مسمنة كانوا قد وقذوها (2) وشووها فجعل أبو طالب وسائر قريش يأكلون منها، ورسول الله صلى الله عليه وآله يمد يده نحوها فيعدل بها يمنة، ثم (3) يسرة، ثم أماما، ثم خلفا، ثم فوقا، ثم تحتا لا تصيبها يده فقالوا: مالك يا محمد لا تأكل منها؟ فقال: يا معشر اليهود قد جهدت أن أتناول منها، وهذه يدي يعدل (4) بها عنها، وما أراها إلا حراما يصونني ربي عز وجل عنها (5) فقالوا: ما هي إلا حلال فدعنا نلقمك، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: فافعلوا إن قدرتم، فذهبوا ليأخذوا منها ويطعموه فكانت أيديهم يعدل بها إلى الجهات كما كانت يد رسول الله صلى الله عليه وآله تعدل عنها، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله. فهذه قد منعت منها، فأتوني بغيرها إن كانت لكم، فجاؤوه بدجاجة أخرى مسمنة مشوية قد أخذوها لجار لهم غائب، لم يكونوا اشتروها، وعملوها (6) على أن يردوا عليه ثمنها إذا حضر، فتناول رسول الله صلى الله عليه وآله لقمة فلما ذهب (7) يرفعها ثقلت عليه، ونصلت (8) حتى سقطت من يده، وكلما ذهب يرفع ما قد تناوله بعدها ثقلت وسقطت فقالوا: يا محمد فما بال هذه لا تأكل منها؟ قال رسول الله صلى الله عليه وآله: وهذه أيضا قد منعت منها، وما أراها إلا من شبهة يصونني ربي عز وجل عنها، قالوا: ما هي شبهة، فدعنا نلقمك منها فقال افعلوا (9) إن قدرتم عليه، فكلما (10) تناولوا لقمة ليلقموه ثقلت كذلك في أيديهم ثم
(٣١٢)