لم تقدروا عليها بعد، أو قرية أخرى لم تقدروا عليها قد أعدها الله لكم، وهي مكة، و قيل: هي ما فتح الله على المسلمين بعد ذلك إلى اليوم، وقيل: المراد فارس والروم، قالوا:
إن النبي صلى الله عليه وآله بشرهم كنوز كسرى وقيصر، وما كانت العرب تقدر على قتال فارس و الروم وفتح مدائنها، بل كانوا خولا (1) لهم حتى قدروا عليها بالاسلام " قد أحاط الله بها " أي قدر الله عليها وأحاط بها علما انتهى (2).
أقول: وكذا قوله تعالى: " لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق " إخبار بالعيب كما سيأتي تفسيره.
قوله تعالى: " أم يقولون تقوله " قال البيضاوي: أي اختلفه من تلقاء نفسه " بل لا يؤمنون " فيرمون بهذه المطاعن لكفرهم وعنادهم " فليأتوا بحديث مثله " مثل القران " إن كانوا صادقين " في زعمهم، إذ فيهم كثير ممن عدوا فصحاء، فهو رد للأقوال المذكورة بالتحدي انتهى (3).
قوله تعالى: " عذابا دون ذلك " أقول: على قول من قال: إن المراد به القتل يوم بدر أو القحط سبع سنين فهو أيضا إخبار بالغيب، وقد وقع، وكذا قوله تعالى، " سيهزم الجمع ويولون الدبر " إشارة إلى غزوة بدر، وهو من المعجزات، وكذا قوله: " والله متم نوره " وقوله: " ليظهره على الدين كله " وقد مر بيانه، وكذا قوله: " ولا يتمنونه أبدا " كما مر.
قال البيضاوي: " وما هو بقول شاعر: كما تزعمون تارة " قليلا ما تؤمنون " تصدقون لما ظهر لكم صدقه تصديقا قليلا لفرط عنادكم " ولا بقول كاهن " كما تزعمون أخرى " قليلا ما تذكرون " تذكرون تذكرا قليلا، فلذلك يلتبس الامر عليكم، و ذكر الايمان مع نفي الشاعرية، والتذكر مع الكاهنية، لأن عدم مشابهة القرآن للشعر أمر بين لا ينكرها إلا معاند، بخلاف مباينته للكهانة فإنها تتوقف على تذكر أحوال