بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٧ - الصفحة ١٩٨
إياهم " سيغلبون " فارس " في بضع سنين " وهذه من الآيات الدالة على أن القرآن من عند الله عز وجل، لان فيه إنباء ما سيكون، ولا يعلم ذلك إلا الله عز وجل " لله الامر من قبل ومن بعد " أي من قبل أن غلبت الروم ومن بعد ما غلبت، فإن شاء جعل الغلبة لاحد الفريقين على الآخر، وإن شاء جعل الغلبة للفريق الآخر عليهم، وإن شاء أهلكهما جميعا " ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله " أي ويوم يغلب الروم فارسا يفرح المؤمنون بدفع الروم فارسا عن بيت المقدس، لا بغلبة الروم على بيت المقدس، فإنهم كفار، ويفرحون أيضا لوجه آخر، وهو اغتمام المشركين بذلك، ولتصديق خبر الله وخبر رسوله، ولأنه مقدمة لنصرهم على المشركين " ينصر من يشاء " من عباده " وهو العزيز " في الانتقام من أعدائه " الرحيم " بمن أناب إليه من خلقه " وعد الله " أي وعد الله ذلك " لا يخلف الله وعده " بظهور الروم على فارس " ولكن أكثر الناس " يعني كفار مكة " لا يعلمون " صحة ما أخبرنا به لجهلهم بالله.
القصة: عن الزهري قال: كان المشركون يجادلون المسلمين وهم بمكة يقولون:
إن أهل الروم أهل كتاب وقد غلبهم الفرس، وأنتم تزعمون أنكم ستغلبون بالكتاب الذي انزل على نبيكم فسنغلبكم كما غلبت فارس الروم، فأنزل الله تعالى: " ألم غلبت الروم " إلى قوله: " في بضع سنين " قال: فأخبرني عبيد الله بن عتبة بن مسعود أن أبا بكر ناحب (1) بعض المشركين قبل أن يحرم القمار، على شئ إن لم يغلب فارس في سبع سنين، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: لم فعلت؟ فكل ما دون العشرة بضع، فكان ظهور فارس على الروم في تسع سنين، ثم أظهر الله الروم على فارس زمن الحديبية، ففرح المسلمون بظهور أهل الكتاب، وروى أبو عبد الله الحافظ بالاسناد عن ابن عباس في قوله: " ألم غلبت الروم " قال: قد مضى، كان ذلك في أهل فارس والروم، وكانت فارس قد غلبت عليهم، ثم غلبت الروم بعد ذلك، ولقي نبي الله مشركي العرب، والتقت الروم وفارس فنصر الله النبي صلى الله عليه وآله ومن معه من المسلمين على مشركي العرب، ونصر أهل الكتاب على مشركي العجم، ففرح المؤمنون بنصر الله إياهم، ونصر أهل الكتاب على العجم، قال عطية

(1) المناحبة: المخاطرة والمراهنة منه قدس سره.
(١٩٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 193 194 195 196 197 198 199 200 201 202 203 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 باب 13: وجوب طاعته وحبه والتفويض إليه صلى الله عليه وآله وفيه 29 حديثا. 1
3 باب 14: باب العشرة معه وتفخيمه وتوقيره في حياته وبعد وفاته صلى الله عليه وآله وفيه 16 حديثا. 15
4 باب 15: عصمته وتأويل بعض ما يوهم خلاف ذلك فيه 21 حديثا. 34
5 باب 16: سهوه ونومه صلى الله عليه وآله عن الصلاة، فيه 17 حديثا. 97
6 باب 17: علمه صلى الله عليه وآله وما دفع إليه من الكتب والوصايا وآثار الأنبياء عليهم السلام ومن دفعه إليه وعرض الأعمال عليه وعرض أمته عليه وأنه يقدر على معجزات الأنبياء فيه 62 حديثا. 130
7 باب 18: فصاحته وبلاغته صلى الله عليه وآله فيه حديثان. 156
8 * أبواب معجزاته صلى الله عليه وآله * باب 1: إعجاز أم المعجزات: القرآن الكريم وفيه بيان حقيقة الإعجاز وبعض النوادر. فيه 24 حديثا. 159
9 باب 2: جوامع معجزاته صلى الله عليه وآله ونوادرها. فيه 18 حديثا. 225
10 باب 3: ما ظهر له صلى الله عليه وآله شاهدا على حقيته من المعجزات السماوية والغرائب العلوية من انشقاق القمر و رد الشمس وحبسها وإضلال الغمامة وظهور الشهب ونزول الموائد والنعم من السماء وما يشاكل ذلك زائدا على ما مضى في باب جوامع المعجزات فيه 19 حديثا. 347
11 باب 4: معجزاته صلى الله عليه وآله في إطاعة الأرضيات من الجمادات والنباتات له وتكلمها معه صلى الله عليه وآله. فيه 59 حديثا. 363
12 باب 5: ما ظهر من إعجازه صلى الله عليه وآله في الحيوانات بأنواعها وإخبارها بحقيته، وفيه كلام الشاة المسمومة زائدا على ما مر في باب جوامع المعجزات. فيه 47 حديثا. 390