اختلاف ولا تناقض، أو يشبه كتب الله المتقدمة، وإن كان أعم وأجمع وأنفع، وقيل: متشابها في حسن النظم، وجزالة اللفظ، وجودة المعاني " مثاني " سمي بذلك لأنه تثنى فيه القصص والاخبار والاحكام والمواعظ بتصريفها في ضروب البيان، ويثنى أيضا في التلاوة فلا يمل لحسن مسموعه " تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم " أي يأخذهم قشعريرة خوفا مما في القرآن من الوعيد " ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله " إذا سمعوا ما فيه من الوعد بالثواب والرحمة (1).
قوله تعالى: " وإنه لكتاب عزيز " قال البيضاوي: أي كثير النفع، عديم النظير، أو منيع لا يتأتي إبطاله وتحريفه " لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه " لا يتطرق إليه الباطل من جهة من الجهات، أو مما فيه من الأخبار الماضية والأمور الآتية " ولو جعلناه قرآنا أعجميا " جواب لقولهم: هلا نزل القرآن بلغة العجم؟ " لقالوا لولا فصلت آياته " بينت بلسان نفقهه " أأعجمي وعربي " أكلام أعجمي ومخاطب عربي؟ إنكار مقرر للتحضيض (2).
قوله تعالى: " فارتقب " أي فانتظر لهم " يوم تأتي السماء بدخان مبين " أكثر المفسرين على أنه إخبار بقحط ومجاعة أصابتهم بسوء أعمالهم، فالمراد يوم شدة ومجاعة، فإن الجائع يرى بينه وبين السماء كهيئة الدخان من ضعف بصره، أو لان الهواء يظلم عام القحط لقلة الأمطار وكثرة الغبار، أو لان العرب تسمي الشر الغالب دخانا، وقد قحطوا حتى أكلوا جيف الكلاب وعظامها، وقيل: إشارة إلى ظهور الدخان المعدود من أشراط الساعة كما مر في كتاب المعاد " يغشى الناس " أي يحيط بهم. وقوله: " هذا عذاب أليم " إلى قوله: " مؤمنون " مقدر بقول وقع حالا وإنا مؤمنون وعد بالايمان إن كشف العذاب عنهم " أنى لهم الذكرى " من أين لهم؟ وكيف يتذكرون لهذه الحال؟ " وقد جاءهم رسول مبين " يبين لهم ما هو أعظم منها في إيجاب الادكار من الآيات والمعجزات ثم تولوا عنه وقالوا معلم مجنون " قال بعضهم: يعلمه غلام أعجمي لبعض ثقيف، وقال