بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٧ - الصفحة ١٩٢
أن المسافر إذا نزل فيه اشتغل بالمهمات التي تجب رعايتها في هذا السفر، ثم يرتحل منه متوجها إلى عالم الآخرة، فكل ما دعاه من الدنيا إلى عالم الآخرة، ومن الجسمانيات إلى الروحانيات ومن الخلق إلى الحق فهو السير المستقيم، وكل ما دعاه من عالم الآخرة إلى الدنيا فهو السير المعوج، والقرآن مملو من الدعوة من الخلق إلى الحق، ومن الدنيا إلى الآخرة، ومن اللذات الشهوانية الجسدانية إلى الاستنارة بالأنوار الصمدية (1)، فثبت أنه مبرأ من العوج والانحراف والباطل (2).
قوله تعالى: " وأسروا النجوى " قال البيضاوي: أي بالغوا في إخفائها " هل هذا إلا بشر مثلكم " كأنهم استدلوا بكونه بشرا على كذبه في ادعاء الرسالة لادعائهم (3) أن الرسول لا يكون إلا ملكا، واستلزموا منه أن ما جاء به من الخوارق كالقرآن سحر " بل قالوا أضغاث أحلام " إضراب لهم عن قولهم: هو سحر إلى أنه تخاليط الأحلام، ثم إلى أنه كلام افتراه، ثم إلى أنه قول شاعر، والظاهر أن (بل) الأولى لتمام حكاية (4) والابتداء بأخرى، أو للاضراب عن تحاورهم في شأن الرسول، وما ظهر عليه من الآيات إلى تقاولهم في أمر القرآن، والثانية والثالثة لاضرابهم عن كونه أباطيل خيلت إليه و خلطت عليه، إلى كونه مفتريات اختلقها من تلقاء نفسه، ثم إلى أنه كلام شعري يخيل إلى السامع معاني لا حقيقة لها، ويرغبه فيها، ويجوز أن يكون الكل من الله تعالى تنزيلا لأقوالهم في درج الفساد، لان كونه شعرا أبعد من كونه مفترى، لأنه مشحون بالحقائق والحكم، وليس فيه ما يناسب قول الشعراء، وهو من كونه أحلاما، لأنه مشتمل على مغيبات كثيرة طابقت الواقع، والمفترى لا يكون كذلك، بخلاف الأحلام، و لأنهم جربوا رسول الله صلى الله عليه وآله نيفا (5) وأربعين سنة ما سمعوا منه كذبا قط، وهو من كونه سحرا، لأنه مجانسه من حيث أنهما من الخوارق " فليأتنا بآية كما ارسل الأولون "

(1) في المصدر: وفى غير نسخة المصنف من النسخ: الصمدانية.
(2) مفاتيح الغيب 5: 452.
(3) في المصدر: لاعتقادهم.
(4) في المصدر: لتمام الحكاية.
(5) النيف: الزيادة، وكل ما زاد على العقد فنيف إلى أن يبلغ العقد الثاني.
(١٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 187 188 189 190 191 192 193 194 195 196 197 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 باب 13: وجوب طاعته وحبه والتفويض إليه صلى الله عليه وآله وفيه 29 حديثا. 1
3 باب 14: باب العشرة معه وتفخيمه وتوقيره في حياته وبعد وفاته صلى الله عليه وآله وفيه 16 حديثا. 15
4 باب 15: عصمته وتأويل بعض ما يوهم خلاف ذلك فيه 21 حديثا. 34
5 باب 16: سهوه ونومه صلى الله عليه وآله عن الصلاة، فيه 17 حديثا. 97
6 باب 17: علمه صلى الله عليه وآله وما دفع إليه من الكتب والوصايا وآثار الأنبياء عليهم السلام ومن دفعه إليه وعرض الأعمال عليه وعرض أمته عليه وأنه يقدر على معجزات الأنبياء فيه 62 حديثا. 130
7 باب 18: فصاحته وبلاغته صلى الله عليه وآله فيه حديثان. 156
8 * أبواب معجزاته صلى الله عليه وآله * باب 1: إعجاز أم المعجزات: القرآن الكريم وفيه بيان حقيقة الإعجاز وبعض النوادر. فيه 24 حديثا. 159
9 باب 2: جوامع معجزاته صلى الله عليه وآله ونوادرها. فيه 18 حديثا. 225
10 باب 3: ما ظهر له صلى الله عليه وآله شاهدا على حقيته من المعجزات السماوية والغرائب العلوية من انشقاق القمر و رد الشمس وحبسها وإضلال الغمامة وظهور الشهب ونزول الموائد والنعم من السماء وما يشاكل ذلك زائدا على ما مضى في باب جوامع المعجزات فيه 19 حديثا. 347
11 باب 4: معجزاته صلى الله عليه وآله في إطاعة الأرضيات من الجمادات والنباتات له وتكلمها معه صلى الله عليه وآله. فيه 59 حديثا. 363
12 باب 5: ما ظهر من إعجازه صلى الله عليه وآله في الحيوانات بأنواعها وإخبارها بحقيته، وفيه كلام الشاة المسمومة زائدا على ما مر في باب جوامع المعجزات. فيه 47 حديثا. 390