بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٧ - الصفحة ١٩٣
أي كما ارسل به الأولون، مثل اليد البيضاء، والعصا، وإبراء الأكمه، وإحياء الموتى " ما آمنت قبلهم من قرية " أي من أهل قرية " أهلكناها " باقتراح الآيات لما جاءتهم " أفهم يؤمنون " لو جئتهم بها وهم أطغى منهم، وفيه دليل (1) على أن عدم الاتيان بالمقترح للابقاء عليهم، إذ لو أتى به لم يؤمنوا واستوجبوا عذاب الاستيصال كمن قبلهم (2).
قوله: " إن هذا إلا إفك افتراه " قال الرازي: قال الكلبي ومقاتل: نزلت في النضر بن الحارث، وهو الذي قال هذا القول: " وأعانه عليه قوم آخرون " يعني عامرا (3) مولى حويطب بن عبد العزى، ويسارا غلام عامر بن الحضرمي، وجبيرا مولى عامر، هؤلاء الثلاثة كانوا من أهل الكتاب، وكانوا يقرؤون التوراة ويحدثون أحاديث منها، فلما أسلموا وكان النبي صلى الله عليه وآله يتعهدهم فلأجل ذلك قال النضر ما قال، فأجاب الله تعالى عن هذه الشبهة بقوله: " فقد جاؤوا ظلما وزورا " وإنما كفى هذا القدر جوابا لأنه قد علم كل عاقل أنه صلى الله عليه وآله تحداهم بالقرآن، وهو النهاية في الفصاحة، وقد بلغوا في الخوض (4) على إبطال أمره كل غاية حتى أحوجهم ذلك إلى ما وصفوه به في هذه الآية، فلو أمكنهم أن يعارضوه لفعلوا، ولكان ذلك أقرب إلى أن يبلغوا مرادهم مما أوردوه في هذه الآيات وغيرها، ولو استعان صلى الله عليه وآله بغيره في ذلك لأمكنهم أيضا أن يستعينوا بغيرهم، لأنه صلى الله عليه وآله كأولئك في معرفة اللغة، والمكنة في العبارة (5)، فلما لم يبلغوا ذلك والحالة هذه علم أن القرآن قد بلغ الغاية في الفصاحة، وانتهى إلى حد الاعجاز، ولما تقدمت هذه الدلالة مرات وكرات في القرآن وظهر بسببها سقوط هذا السؤال ظهر أن إعادة هذا السؤال بعد تقدم تلك الدلالة الواضحة لا يكون إلا التمادي في الجهل والعناد، فلذلك اكتفى الله في الجواب بقوله: " فقد جاؤوا ظلما وزورا ".

(1) تنبيه خ ل، وفى المصدر: وهم أعتى منهم، وفيه تنبيه.
(2) أنوار التنزيل 2: 75 و 76.
(3) في المصدر: عداس مولى حويطب. وفيه: جبر بدل جبير.
(4) في المصدر: في الحرص (5) في المصدر: والمكنة في الاستعانة.
(١٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 188 189 190 191 192 193 194 195 196 197 198 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 باب 13: وجوب طاعته وحبه والتفويض إليه صلى الله عليه وآله وفيه 29 حديثا. 1
3 باب 14: باب العشرة معه وتفخيمه وتوقيره في حياته وبعد وفاته صلى الله عليه وآله وفيه 16 حديثا. 15
4 باب 15: عصمته وتأويل بعض ما يوهم خلاف ذلك فيه 21 حديثا. 34
5 باب 16: سهوه ونومه صلى الله عليه وآله عن الصلاة، فيه 17 حديثا. 97
6 باب 17: علمه صلى الله عليه وآله وما دفع إليه من الكتب والوصايا وآثار الأنبياء عليهم السلام ومن دفعه إليه وعرض الأعمال عليه وعرض أمته عليه وأنه يقدر على معجزات الأنبياء فيه 62 حديثا. 130
7 باب 18: فصاحته وبلاغته صلى الله عليه وآله فيه حديثان. 156
8 * أبواب معجزاته صلى الله عليه وآله * باب 1: إعجاز أم المعجزات: القرآن الكريم وفيه بيان حقيقة الإعجاز وبعض النوادر. فيه 24 حديثا. 159
9 باب 2: جوامع معجزاته صلى الله عليه وآله ونوادرها. فيه 18 حديثا. 225
10 باب 3: ما ظهر له صلى الله عليه وآله شاهدا على حقيته من المعجزات السماوية والغرائب العلوية من انشقاق القمر و رد الشمس وحبسها وإضلال الغمامة وظهور الشهب ونزول الموائد والنعم من السماء وما يشاكل ذلك زائدا على ما مضى في باب جوامع المعجزات فيه 19 حديثا. 347
11 باب 4: معجزاته صلى الله عليه وآله في إطاعة الأرضيات من الجمادات والنباتات له وتكلمها معه صلى الله عليه وآله. فيه 59 حديثا. 363
12 باب 5: ما ظهر من إعجازه صلى الله عليه وآله في الحيوانات بأنواعها وإخبارها بحقيته، وفيه كلام الشاة المسمومة زائدا على ما مر في باب جوامع المعجزات. فيه 47 حديثا. 390