بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٧ - الصفحة ١٩٤
والشبهة الثانية لهم: قوله تعالى: " وقالوا أساطير الأولين " ما سطره المتقدمون، كأحاديث رستم وإسفنديار، " اكتتبها " انتسخها محمد صلى الله عليه وآله من أهل الكتاب، يعنى عامرا وبشارا (1) وجبيرا، ومعنى اكتتب هنا أمر أن يكتب له، كما يقال: احتجم وافتصد:
إذا أمر بذلك " فهي تملى عليه " أي يلقى عليه كتابه ليتحفظها " بكرة وأصيلا " قال الضحاك: ما يملى عليه بكرة وأصيلا يقرؤه عليكم (2)، وقال الحسن: هو قوله تعالى جوابا عن قولهم كأنه قال: إن هذه الآيات تملى عليه بالوحي حالا بعد حال، فكيف ينسب إلى أنه أساطير الأولين؟ وجمهور المفسرين على أنه من كلام القوم، فأجاب تعالى بقوله: " قل أنزله الذي يعلم السر " الآية، وتقريره ما قدمنا أنه صلى الله عليه وآله تحداهم و ظهر عجزهم، فلو كان استعان بغيره لكان عليهم أن يستعينوا بأحد، فلما عجزوا ثبت أنه وحي الله تعالى وكلامه، فلهذا قال: " قل أنزله الذي يعلم السر في السماوات والأرض " وذلك لان القادر على تركيب ألفاظ القرآن لابد وأن يكون عالما بكل المعلومات ظاهرها وخفيها " ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا " (3) ولاشتماله على الاحكام التي هي مقتضية لمصالح العباد ونظام العالم، وذلك لا يكون إلا من العالم بكل المعلومات، ولاشتماله على أنواع العلوم، وذلك لا يأتي إلا من العالم بكل المعلومات، إلى غير ذلك

(١) هكذا في نسخة المصنف، وهو مصحف يسارا. كما فيما تقدم وفى المصدر، وفى المصدر:
جبرا بدل جبيرا.
(٢) في المصدر: ما يملى عليه بكرة يقرؤه عليكم عشية، وما يتلى عليه عشية يقرؤه عليكم بكرة.
(٣) قد لخص المصنف هنا كلام الرازي ونقل معناه ولذلك وقع خلل في العبارة، والصحيح من كلامه هكذا: وذلك لان القادر على تركيب ألفاظ القرآن لابد وأن يكون عالما بكل المعلومات ظاهرها وخافيها من وجوه: أحدها: أن مثل هذه الفصاحة لا يتأتى إلا من العالم بكل المعلومات وثانيها أن القرآن مشتمل على الاخبار عن الغيوب، وذلك لا يتأتى إلا من العالم بكل المعلومات وثالثها: أن القرآن مبرأ عن النقص، وذلك لا يتأتى إلا من العالم، على ما قال تعالى: " ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا.
ورابعها: اشتماله على الاحكام التي هي مقتضية لمصالح العباد أه‍ ثم عد خامسها قوله: لاشتماله على أنواع العلوم.
(١٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 189 190 191 192 193 194 195 196 197 198 199 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 باب 13: وجوب طاعته وحبه والتفويض إليه صلى الله عليه وآله وفيه 29 حديثا. 1
3 باب 14: باب العشرة معه وتفخيمه وتوقيره في حياته وبعد وفاته صلى الله عليه وآله وفيه 16 حديثا. 15
4 باب 15: عصمته وتأويل بعض ما يوهم خلاف ذلك فيه 21 حديثا. 34
5 باب 16: سهوه ونومه صلى الله عليه وآله عن الصلاة، فيه 17 حديثا. 97
6 باب 17: علمه صلى الله عليه وآله وما دفع إليه من الكتب والوصايا وآثار الأنبياء عليهم السلام ومن دفعه إليه وعرض الأعمال عليه وعرض أمته عليه وأنه يقدر على معجزات الأنبياء فيه 62 حديثا. 130
7 باب 18: فصاحته وبلاغته صلى الله عليه وآله فيه حديثان. 156
8 * أبواب معجزاته صلى الله عليه وآله * باب 1: إعجاز أم المعجزات: القرآن الكريم وفيه بيان حقيقة الإعجاز وبعض النوادر. فيه 24 حديثا. 159
9 باب 2: جوامع معجزاته صلى الله عليه وآله ونوادرها. فيه 18 حديثا. 225
10 باب 3: ما ظهر له صلى الله عليه وآله شاهدا على حقيته من المعجزات السماوية والغرائب العلوية من انشقاق القمر و رد الشمس وحبسها وإضلال الغمامة وظهور الشهب ونزول الموائد والنعم من السماء وما يشاكل ذلك زائدا على ما مضى في باب جوامع المعجزات فيه 19 حديثا. 347
11 باب 4: معجزاته صلى الله عليه وآله في إطاعة الأرضيات من الجمادات والنباتات له وتكلمها معه صلى الله عليه وآله. فيه 59 حديثا. 363
12 باب 5: ما ظهر من إعجازه صلى الله عليه وآله في الحيوانات بأنواعها وإخبارها بحقيته، وفيه كلام الشاة المسمومة زائدا على ما مر في باب جوامع المعجزات. فيه 47 حديثا. 390