بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٧ - الصفحة ١٨٧
على هذه العلوم الكثيرة لابد وأن يشتمل على نوع من أنواع التناقض، وحيث خلا عنه علمنا أنه من عند الله، ثم بعد إيراد هذه الدلائل أعاد الكلام مرة أخرى بلفظ الاستفهام على سبيل الانكار فقال: " أم يقولون افتراه " ثم ذكر حجة أخرى على إبطال هذا القول فقال: " قل فأتوا بسورة مثله ".
فإن قيل: لم قال في سورة البقرة: " من مثله " وهنا بسورة مثله.
قلنا: إن محمدا صلى الله عليه وآله كان رجلا أميا لم يتلمذ لاحد، ولم يطالع كتابا فقيل (1) في سورة البقرة: " فأتوا بسورة من مثله " أي فليأت إنسان يساوي محمدا صلى الله عليه وآله في عدم التلمذ (2) وعدم مطالعة الكتب بسورة تساوي هذه السورة، وحيث ظهر العجز ظهر المعجز، فهذا لا يدل على أن السورة في نفسها معجزة، ولكنه يدل على أن ظهور مثل هذه السورة من إنسان مثل محمد صلى الله عليه وآله معجز، ثم إنه تعالى بين في هذه السورة أن تلك السورة في نفسها معجز، فإن الخلق إن تلمذوا وتعلموا وطالعوا وتفكروا فإنه لا يمكنهم الاتيان بمعارضة سورة واحدة من هذه السور، فلا جرم قال تعالى في هذه الآية: " فأتوا بسورة مثله ".
فإن قيل: قوله: " بسورة مثله " هل يتناول جميع السور الصغار والكبار، أو يخص بالسور الكبار؟
قلنا: هذه الآية في سورة يونس وهي مكية، فالمراد مثل هذه السورة، لأنها أقرب ما يمكن أن يشار إليه.
واعلم أنه قد ظهر بما قررنا أن مراتب تحدي رسول الله صلى الله عليه وآله بالقرآن ستة:
فأولها: أنه تحداهم بكل القرآن، كما قال: " قل لئن اجتمعت (3) " الآية وثانيها: أنه تحداهم بعشر سور (4).

(1) في المصدر: فقال.
(2) من هنا يظهر أن الرازي جاء بالتملذ من باب التفعل فيما مر من تصاريفها وهو من الأغلاط المشهورة والصحيح ان المادة رباعية يقال تلمذ الأستاذ الولد فتلمذ له وتتلمذ (على وزن دحرج و تدحرج) فهو تلميذ والكلمة من الدخيل ومعناها بالفارسية: " شاكردى " ويحتمل أنه جاء بالتتلمذ أو التلمذة فسقطت التاء سهوا أو عمدا من المطابع.
(3) الاسراء: 88 (4) في قوله: " فأتوا بعشر سور مثله مفتريات " هود: 13.
(١٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 182 183 184 185 186 187 188 189 190 191 192 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 باب 13: وجوب طاعته وحبه والتفويض إليه صلى الله عليه وآله وفيه 29 حديثا. 1
3 باب 14: باب العشرة معه وتفخيمه وتوقيره في حياته وبعد وفاته صلى الله عليه وآله وفيه 16 حديثا. 15
4 باب 15: عصمته وتأويل بعض ما يوهم خلاف ذلك فيه 21 حديثا. 34
5 باب 16: سهوه ونومه صلى الله عليه وآله عن الصلاة، فيه 17 حديثا. 97
6 باب 17: علمه صلى الله عليه وآله وما دفع إليه من الكتب والوصايا وآثار الأنبياء عليهم السلام ومن دفعه إليه وعرض الأعمال عليه وعرض أمته عليه وأنه يقدر على معجزات الأنبياء فيه 62 حديثا. 130
7 باب 18: فصاحته وبلاغته صلى الله عليه وآله فيه حديثان. 156
8 * أبواب معجزاته صلى الله عليه وآله * باب 1: إعجاز أم المعجزات: القرآن الكريم وفيه بيان حقيقة الإعجاز وبعض النوادر. فيه 24 حديثا. 159
9 باب 2: جوامع معجزاته صلى الله عليه وآله ونوادرها. فيه 18 حديثا. 225
10 باب 3: ما ظهر له صلى الله عليه وآله شاهدا على حقيته من المعجزات السماوية والغرائب العلوية من انشقاق القمر و رد الشمس وحبسها وإضلال الغمامة وظهور الشهب ونزول الموائد والنعم من السماء وما يشاكل ذلك زائدا على ما مضى في باب جوامع المعجزات فيه 19 حديثا. 347
11 باب 4: معجزاته صلى الله عليه وآله في إطاعة الأرضيات من الجمادات والنباتات له وتكلمها معه صلى الله عليه وآله. فيه 59 حديثا. 363
12 باب 5: ما ظهر من إعجازه صلى الله عليه وآله في الحيوانات بأنواعها وإخبارها بحقيته، وفيه كلام الشاة المسمومة زائدا على ما مر في باب جوامع المعجزات. فيه 47 حديثا. 390