وثالثها: أنه تحداهم بسورة واحدة.
ورابعها: أنه تحداهم بحديث مثله (1).
وخامسها: أن في تلك المراتب الأربعة كان يطلب أن يأتي بالمعارضة رجل يساوى رسول الله صلى الله عليه وآله في عدم التلمذ والتعلم، ثم في سورة يونس طلب منهم معارضة سورة واحدة من أي إنسان سواه، تعلم العلوم أو لم يتعلمها.
وسادسها: أن في المراتب المتقدمة تحدى كل واحد من الخلق، وفي هذه المرتبة تحدى جميعهم، وجوز أن يستعين البعض بالبعض في الاتيان بهذه المعارضة، كما قال:
" وادعوا من استطعتم من دون الله (2) ".
وقال في قوله: " تلك من أنباء الغيب ": أي من الاخبار التي كانت غائبة عن الخلق ما كنت تعرف هذه القصة أنت ولا قومك.
فإن قيل: أليس كان قصة نوح مشهورة عند أهل العالم؟
قلنا: بحسب الاجمال كانت مشهورة، وأما التفاصيل المذكورة فما كانت معلومة (3).
وقال في قوله: " لولا انزل عليه آية من ربه ": اعلم أن من الناس من زعم أنه لم يظهر معجز في صدق محمد صلى الله عليه وآله سوى القرآن لدلالة هذا الكلام عليه، والجواب عنه من وجهين:
الأول: لعل المراد منه طلب معجزات سوى التي شاهدوها منه صلى الله عليه وآله، كحنين الجزع، ونبوع الماء من بين أصابعه، وإشباع الخلق الكثير من الطعام القليل، وطلبوا منه معجزات غيرها، مثل فلق البحر، وقلب العصا ثعبانا (4).
والثاني: أنه لعل الكفار ذكروا هذا الكلام قبل مشاهدة سائر المعجزات (5).