الرابع: أن المراد (1) الغلبة بالحجة والبيان (2).
قوله تعالى: " يحلفون بالله ما قالوا " قال الطبرسي رحمه الله: اختلف فيمن نزلت فيه هذه الآية، فقيل: إن رسول الله صلى الله عليه وآله كان جالسا في ظل حجرته (3) فقال: إنه سيأتيكم إنسان فينظر إليكم بعين شيطان (4)، فلم يلبثوا أن طلع رجل أزرق، فدعاه رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: علام تشتمني أنت وأصحابك؟ فانطلق الرجل فجاء بأصحابه فحلفوا بالله ما قالوا، فأنزل الله هذه الآية، عن ابن عباس، وقيل: خرج المنافقون مع رسول الله صلى الله عليه وآله إلى تبوك، فكانوا إذا خلا بعضهم ببعض سبوا رسول الله صلى الله عليه وآله وأصحابه، وطعنوا في الدين، فنقل ذلك حذيفة إلى رسول الله صلى الله عليه وآله، فقال لهم: ما هذا الذي بلغني عنكم؟ فحلفوا بالله ما قالوا شيئا من ذلك، عن الضحاك، وقيل نزلت في الجلاس بن سويد ابن الصامت، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وآله خطب ذات يوم بتبوك وذكر المنافقين فسماهم رجسا وعابهم، فقال الجلاس: والله لئن كان محمد صادقا فيما يقول فنحن شر من الحمير، فسمعه عامر بن قيس فقال: أجل والله إن محمدا صادق وأنتم شر من الحمير، فلما انصرف رسول الله صلى الله عليه وآله إلى المدينة أتاه عامر بن قيس فأخبره بما قال الجلاس، فقال الجلاس:
كذب يا رسول الله، فأمرهما رسول الله أن يحلفا عند المنبر، فقام الجلاس عند المنبر فحلف بالله ما قاله، ثم قام عامر فحلف بالله لقد قاله، ثم قال: اللهم أنزل على نبيك الصادق منا الصدوق (5)، فقال رسول الله والمؤمنون: آمين، فنزل جبرئيل عليه السلام قبل أن يتفرقا بهذه الآية حتى بلغ " فإن يتوبوا يك خيرا لهم " فقام الجلاس فقال: يا رسول الله اسمع الله قد عرض علي التوبة، صدق عامر بن قيس فيما قال لك، لقد قلته وأنا أستغفر الله وأتوب