بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٧ - الصفحة ١٨٥
كتاب لا يشتمل على سب آلهتهم والطعن في طرائقهم، فأمر بأن يجيبهم بأن هذا التبديل غير جائز مني " إن أتبع إلا ما يوحى إلي " وإنما لم يتعرض للاتيان بقرآن غير هذا لأنه لما بين أنه لا يجوز له أن يبدله من تلقاء نفسه لأنه وارد من الله تعالى، ولا يقدر على مثله كما لا يقدر سائر العرب على مثله، وكان ذلك متقررا في نفوسهم بسبب ما تقدم من تحديه لهم بمثل هذا القرآن فقد دلهم بذلك على أنه لا يتمكن من قرآن غير هذا، ثم لما كان هذا الالتماس لأجل أنهم اتهموه بأنه هو الذي يأتي بهذا الكتاب من عند نفسه على سبيل الاختلاق، فلهذا احتج عليهم بأن أولئك الكفار كانوا قد شاهدوا رسول الله صلى الله عليه وآله من أول عمره إلى ذلك الوقت، وكانوا عالمين بأحواله، وأنه ما طالع كتابا، ولا تلمذ (1) لأستاذ، ولا تعلم من أحد، ثم بعد انقراض أربعين سنة على هذا الوجه جاءهم بهذا الكتاب العظيم المشتمل على نفائس علم الأصول، ودقائق علم الاحكام، ولطائف علم الأخلاق، وأسرار قصص الأولين، وعجز عن معارضته العلماء، والفصحاء، والبلغاء فكل من له عقل سليم فإنه يعرف أن مثل هذا لا يحصل إلا بالوحي والالهام من الله، فقوله: " لو شاء الله ما تلوته عليكم ولا أدراكم به " حكم منه صلى الله عليه وآله بان هذا القرآن وحي من عند الله، وقوله: " فقد لبثت فيكم عمرا من قبله " إشارة إلى الدليل الذي قررناه، قوله: " ولا أدراكم به " أي ولا أعلمكم به (2)، وقال في قوله تعالى: " وما كان هذا القرآن أن يفترى ": حاصله أن هذا القرآن لا يقدر عليه أحد إلا الله عز وجل، ثم إنه احتج على هذه الدعوى بأمور:
الأول: " قوله " ولكن تصديق الذي بين يديه " وتقريره من وجوه:
الأول: أنه صلى الله عليه وآله كان رجلا أميا ما سافر إلى بلدة لأجل التعلم، وما كانت مكة بلدة العلماء، وما كان فيها شئ من كتب العلم، ثم إنه صلى الله عليه وآله أتى بهذا القرآن، وكان مشتملا على أقاصيص (3)، والقوم كانوا في غاية العداوة له، فلو لم تكن هذه الأقاصيص موافقة لما في التوراة والإنجيل لقدحوا فيه، ولبالغوا في الطعن فيه، فلما لم يفعلوا علمنا

(1) على وزن دحرج.
(2) مفاتيح الغيب 4: 816 و 817، أقول: هذا ملخص كلامه.
(3) في المصدر: على أقاصيص الأولين.
(١٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 180 181 182 183 184 185 186 187 188 189 190 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 باب 13: وجوب طاعته وحبه والتفويض إليه صلى الله عليه وآله وفيه 29 حديثا. 1
3 باب 14: باب العشرة معه وتفخيمه وتوقيره في حياته وبعد وفاته صلى الله عليه وآله وفيه 16 حديثا. 15
4 باب 15: عصمته وتأويل بعض ما يوهم خلاف ذلك فيه 21 حديثا. 34
5 باب 16: سهوه ونومه صلى الله عليه وآله عن الصلاة، فيه 17 حديثا. 97
6 باب 17: علمه صلى الله عليه وآله وما دفع إليه من الكتب والوصايا وآثار الأنبياء عليهم السلام ومن دفعه إليه وعرض الأعمال عليه وعرض أمته عليه وأنه يقدر على معجزات الأنبياء فيه 62 حديثا. 130
7 باب 18: فصاحته وبلاغته صلى الله عليه وآله فيه حديثان. 156
8 * أبواب معجزاته صلى الله عليه وآله * باب 1: إعجاز أم المعجزات: القرآن الكريم وفيه بيان حقيقة الإعجاز وبعض النوادر. فيه 24 حديثا. 159
9 باب 2: جوامع معجزاته صلى الله عليه وآله ونوادرها. فيه 18 حديثا. 225
10 باب 3: ما ظهر له صلى الله عليه وآله شاهدا على حقيته من المعجزات السماوية والغرائب العلوية من انشقاق القمر و رد الشمس وحبسها وإضلال الغمامة وظهور الشهب ونزول الموائد والنعم من السماء وما يشاكل ذلك زائدا على ما مضى في باب جوامع المعجزات فيه 19 حديثا. 347
11 باب 4: معجزاته صلى الله عليه وآله في إطاعة الأرضيات من الجمادات والنباتات له وتكلمها معه صلى الله عليه وآله. فيه 59 حديثا. 363
12 باب 5: ما ظهر من إعجازه صلى الله عليه وآله في الحيوانات بأنواعها وإخبارها بحقيته، وفيه كلام الشاة المسمومة زائدا على ما مر في باب جوامع المعجزات. فيه 47 حديثا. 390