بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٧ - الصفحة ١٧٦
الحجاز بأسا، وأمنعهم دارا، حتى أن قريشا تعتضد بهم (1)، والأوس والخزرج تستبق إلى محالفتهم وتتكثر بنصرتهم، فأباد الله خضراءهم، واستأصل شأفتهم، واجتث أصلهم (2) فأجلى النبي صلى الله عليه وآله بني النضير وبني قينقاع، وقتل بني قريظة، وشرد أهل خيبر، وغلب على فدك، ودان (3) أهل وادي القرى، فمحا الله سبحانه آثارهم صاغرين، وقال قتادة: معناه أن الله سبحانه أذلهم ذلا لا يعزون بعده أبدا.
وقال رحمه الله في قوله تعالى: " والله يعصمك من الناس ": في هذه الآية دلالة على صدق النبي صلى الله عليه وآله وصحة نبوته من وجهين:
أحدهما: أنه وقع مخبره على ما أخبر به.
والثاني: أنه لا يقدم على الاخبار به إلا وهو يأمن أن يكون مخبره على ما أخبر به، وروي أن النبي صلى الله عليه وآله لما نزلت هذه الآية قال لحراس من أصحابه كانوا يحرسونه، منهم سعد وحذيفة: الحقوا بملاحقكم، فإن الله سبحانه عصمني من الناس.
قوله تعالى: " وقالوا لولا نزل عليه آية من ربه " قال الرازي: هذا من شبهات منكري نبوة محمد صلى الله عليه وآله، قالوا: لو كان رسولا من عند الله فهلا انزل عليه آية قاهرة و معجزة باهرة، ويروى أن بعض الملحدة طعن فقال: لو كان محمد قد أتى بآية ومعجزة لما صح أن يقول أولئك الكفار: " لولا انزل عليه آية ".
والجواب عنه: أن القرآن معجزة قاهرة بدليل أنه صلى الله عليه وآله تحداهم به فعجزوا عن معارضته، وذلك يدل على كونه معجزا، بقي أن يقال: فإذا كان الامر كذلك فكيف قالوا: " لولا انزل عليه آية من ربه؟ فنقول: الجواب عنه من وجوه:
الأول: لعل القوم طعنوا في كون القرآن معجزا على سبيل اللجاج والعناد، و

(1) في المصدر: كانت تعتضد بهم.
(2) خضراءهم أي سوادهم ومعظمهم، ذكره الجوهري، وقال: الشأفة: قرحة تخرج في أصل القدم فتكوى فتذهب، يقال في المثل: استأصل الله شأفته، أي أذهبه الله كما أذهب تلك القرحة بالكي منه قدس سره أقول: اجتثه أي انقلعه من أصله.
(3) في المصدر: ودان له.
(١٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 171 172 173 174 175 176 177 178 179 180 181 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 باب 13: وجوب طاعته وحبه والتفويض إليه صلى الله عليه وآله وفيه 29 حديثا. 1
3 باب 14: باب العشرة معه وتفخيمه وتوقيره في حياته وبعد وفاته صلى الله عليه وآله وفيه 16 حديثا. 15
4 باب 15: عصمته وتأويل بعض ما يوهم خلاف ذلك فيه 21 حديثا. 34
5 باب 16: سهوه ونومه صلى الله عليه وآله عن الصلاة، فيه 17 حديثا. 97
6 باب 17: علمه صلى الله عليه وآله وما دفع إليه من الكتب والوصايا وآثار الأنبياء عليهم السلام ومن دفعه إليه وعرض الأعمال عليه وعرض أمته عليه وأنه يقدر على معجزات الأنبياء فيه 62 حديثا. 130
7 باب 18: فصاحته وبلاغته صلى الله عليه وآله فيه حديثان. 156
8 * أبواب معجزاته صلى الله عليه وآله * باب 1: إعجاز أم المعجزات: القرآن الكريم وفيه بيان حقيقة الإعجاز وبعض النوادر. فيه 24 حديثا. 159
9 باب 2: جوامع معجزاته صلى الله عليه وآله ونوادرها. فيه 18 حديثا. 225
10 باب 3: ما ظهر له صلى الله عليه وآله شاهدا على حقيته من المعجزات السماوية والغرائب العلوية من انشقاق القمر و رد الشمس وحبسها وإضلال الغمامة وظهور الشهب ونزول الموائد والنعم من السماء وما يشاكل ذلك زائدا على ما مضى في باب جوامع المعجزات فيه 19 حديثا. 347
11 باب 4: معجزاته صلى الله عليه وآله في إطاعة الأرضيات من الجمادات والنباتات له وتكلمها معه صلى الله عليه وآله. فيه 59 حديثا. 363
12 باب 5: ما ظهر من إعجازه صلى الله عليه وآله في الحيوانات بأنواعها وإخبارها بحقيته، وفيه كلام الشاة المسمومة زائدا على ما مر في باب جوامع المعجزات. فيه 47 حديثا. 390