لعلمهم بصدق النبي صلى الله عليه وآله وكذبهم، وكان ذلك دليلا ظاهرا على صحة نبوة نبينا صلى الله عليه وآله إذ علم بأن في التوراة ما يدل على كذبهم من غير أن يعلم التوراة (1) وقراءتها (2) قوله تعالى: " لن يضروكم إلا أذى " قال الطبرسي رحمه الله قال مقاتل: إن رؤوس اليهود مثل كعب بن الأشرف وأبي رافع وأبي ناشر (3) وكنانة وابن صوريا عمدوا إلى مؤمنيهم كعبد الله بن سلام وأصحابه، فأنبوهم (4) على إسلامهم، فنزلت: " لن يضروكم إلا أذى " وعد الله المؤمنين أنهم منصورون، وأن أهل الكتاب لا يقدرون عليهم ولا تنالهم من جهتهم مضرة إلا أذى من جهة القول، وهو كذبهم على الله، وتحريفهم كتاب الله، وقيل: هو ما كانوا يسمعون المؤمنين من الكلام المؤذي " وإن يقاتلوكم يولوكم الادبار " منهزمين " ثم لا ينصرون " أي لا يعانون (5) لكفرهم، وفي هذه الآية دلالة على صحة نبوة نبينا صلى الله عليه وآله لوقوع مخبره على وفق خبره، لان يهود المدينة من بني قريظة والنضير وبني قينقاع ويهود خيبر الذين حاربوا النبي صلى الله عليه وآله والمسلمين لم يثبتوا لهم قط وانهزموا ولم ينالوا من المسلمين إلا بالسب والطعن " أينما ثقفوا " أي وجدوا " إلا بحبل من الله " أي بعهد من الله " وحبل من الناس " وعهد من الناس على وجه الذمة وغيرها من وجوه الأمان (6).
قوله تعالى: " عضوا عليكم الأنامل " أي أطراف الأصابع " من الغيظ " أي من الغضب والحنق (7) لما يرون من ائتلاف المؤمنين، واجتماع كلمتهم، ونصرة الله إياهم (8).