بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٧ - الصفحة ١٧٨
بل للعناد والتعصب، وعلم أنه لو أعطاهم مطلوبهم فهم لا يؤمنون ولا يفترون (1)، فلهذا السبب ما أعطاهم مطلوبهم لعلمه تعالى أنه لا فائدة في ذلك، فالمراد من قوله: " ولكن أكثرهم لا يعلمون " هو أن القوم لا يعلمون أنهم لما طلبوا ذلك على سبيل التعنت و التعصب ما أعطاهم (2)، ولو كانوا عالمين لطلبوا ذلك على سبيل طلب الفائدة، فكان الله يعطيهم ذلك على أكمل الوجوه. انتهى كلامه (3).
أقول: يمكن أن يقال في المقام الأول: إن ما ذكروه من إنزال الآية كالصريح في أنهم طلبوا أمرا بينا يرون نزوله من السماء، كنزول الملائكة عيانا، أو نزول الكتاب كذلك، أو نزول كسف من السماء، وهذا لا ينافي وقوع سائر المعجزات من الاخبار بالمغيبان، وإحياء الأموات، وشق القمر، وغير ذلك، وورود الانزال في سائر الآيات في إنزال القرآن والاحكام وغيرها مجازا لا يوجب صرف تلك الآية أيضا عن الحقيقة مع عدم الداعي إليه، بل وجود القرينة على المعنى الحقيقي، قوله تعالى: " مصدق الذي بين يديه " لكونه مطابقا لها في الأصول، ولشهادته بحقيقتها، ولورودها بالصفة التي نطقت بها الكتب المتقدمة.
قوله تعالى: " ومن قال سأنزل مثل ما أنزل الله " قال الطبرسي رحمه الله قال الزجاج: هذا جواب لقولهم: " لو نشاء لقلنا مثل هذا " فادعوا ثم لم يفعلوا، وبذلوا النفوس والأموال، واستعملوا سائر الحيل في إطفاء نور الله، وأبى الله إلا أن يتم نوره، وقيل: المراد به عبد الله بن سعد بن أبي سرح أملى عليه رسول الله صلى الله عليه وآله ذات يوم: " ولقد خلقنا الانسان من سلالة من طين " إلى قوله: " ثم أنشأناه خلقا آخر (4) " فجرى على لسان ابن أبي سرح " فتبارك الله أحسن الخالقين " فأملاه عليه وقال: هكذا انزل، فارتد عدو الله، وقال: إن كان محمد صادقا فلقد أوحي إلي كما أوحي إليه، ولئن كان كاذبا فلقد

(١) المصدر خال عن قوله: لا يفترون.
(٢) في المصدر: فان الله لا يعطيهم مطلوبهم.
(٣) مفاتيح الغيب ٤: ٥٣ - ٥٥.
(٤) المؤمنون: ١٢ - 14.
(١٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 173 174 175 176 177 178 179 180 181 182 183 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 باب 13: وجوب طاعته وحبه والتفويض إليه صلى الله عليه وآله وفيه 29 حديثا. 1
3 باب 14: باب العشرة معه وتفخيمه وتوقيره في حياته وبعد وفاته صلى الله عليه وآله وفيه 16 حديثا. 15
4 باب 15: عصمته وتأويل بعض ما يوهم خلاف ذلك فيه 21 حديثا. 34
5 باب 16: سهوه ونومه صلى الله عليه وآله عن الصلاة، فيه 17 حديثا. 97
6 باب 17: علمه صلى الله عليه وآله وما دفع إليه من الكتب والوصايا وآثار الأنبياء عليهم السلام ومن دفعه إليه وعرض الأعمال عليه وعرض أمته عليه وأنه يقدر على معجزات الأنبياء فيه 62 حديثا. 130
7 باب 18: فصاحته وبلاغته صلى الله عليه وآله فيه حديثان. 156
8 * أبواب معجزاته صلى الله عليه وآله * باب 1: إعجاز أم المعجزات: القرآن الكريم وفيه بيان حقيقة الإعجاز وبعض النوادر. فيه 24 حديثا. 159
9 باب 2: جوامع معجزاته صلى الله عليه وآله ونوادرها. فيه 18 حديثا. 225
10 باب 3: ما ظهر له صلى الله عليه وآله شاهدا على حقيته من المعجزات السماوية والغرائب العلوية من انشقاق القمر و رد الشمس وحبسها وإضلال الغمامة وظهور الشهب ونزول الموائد والنعم من السماء وما يشاكل ذلك زائدا على ما مضى في باب جوامع المعجزات فيه 19 حديثا. 347
11 باب 4: معجزاته صلى الله عليه وآله في إطاعة الأرضيات من الجمادات والنباتات له وتكلمها معه صلى الله عليه وآله. فيه 59 حديثا. 363
12 باب 5: ما ظهر من إعجازه صلى الله عليه وآله في الحيوانات بأنواعها وإخبارها بحقيته، وفيه كلام الشاة المسمومة زائدا على ما مر في باب جوامع المعجزات. فيه 47 حديثا. 390