فيما مر، وسيأتي تفسيره، وكذا قوله تعالى: " يستخفون من الناس " وما قبله وما بعده يدل على أن الله تعالى أخبر بما كانوا به مستخفين، وأظهر ما كانوا له مسرين. وسيأتي قصته.
قوله: " يبين لكم كثيرا مما كنتم تخفون من الكتاب " قال الرازي: قال ابن عباس: أخفوا صفة محمد صلى الله عليه وآله، وأخفوا الرجم (1)، ثم إن الرسول صلى الله عليه وآله بين ذلك لهم، وهذا معجز، لأنه صلى الله عليه وآله لم يقرأ كتابا، ولم يتعلم علما من أحد، فلما أخبرهم بأسرار ما في كتابهم كان ذلك إخبارا عن الغيب، فيكون معجزا (2) قوله: " ويعفوا عن كثير " أي لا يظهر كثيرا مما تكتمونه أنتم، لأنه لا حاجة إلى إظهاره في الدين قوله تعالى: " فعسى الله أن يأتي بالفتح " قال الطبرسي يعني فتح مكة، وقيل:
فتح بلاد المشركين " أو أمر من عنده " فيه إعزاز المسلمين، وإذلال المشركين، وقيل: هو إظهار نفاق المنافقين، وقيل: هو القتل وسبي الذراري لبني قريظة، والاجلاء لبني النظير (3) ".
أقول: " وهذا أيضا إخبار بما لم يقع وقد وقع، وعسى من الله موجبة قوله تعالى: " فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه " هذا أيضا إخبار بما لم يكن فكان، وسيأتي الأخبار المستفيضة في كتاب أحوال أمير المؤمنين عليه السلام أنها نزلت فيه عليه السلام حيث قاتل الناكثين والقاسطين والمارقين.
وقوله: " وقد دخلوا بالكفر " إخبار عن أسرار المنافقين، وكذا قوله تعالى: " وألقينا بينهم العداوة والبغضاء " أي بين اليهود والنصارى، أو بين فرق اليهود وفرق النصارى.
" كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله " قال الطبرسي رحمه الله: أي لحرب محمد صلى الله عليه وآله وفي هذا معجزة ودلالة، لان الله أخبر فوافق خبره المخبر، فقد كانت اليهود أشد أهل