الذر ويظهر منهم الغرائب في سائر أحوالهم على وجه الاعجاز جعلهم مشاركين مع سائر الخلق في النمو وحالة الصبا والرضاع والبلوغ، وإن كان بلوغهم لكمال عقولهم قبل غيرهم، ولم يكلفهم في حال رضاعهم وعدم تمكنهم من المشي والقيام بالصلاة وغيرها، فإذا صاروا في حد يتأتى ظاهرا منهم الافعال والتروك لا يصدر منهم معصية فعلا وتركا وعمدا وسهوا وحالة النوم أيضا مثل ذلك، ولا يشمل السهو تلك الحالة، لكن فيه إشكال من جهة ما تقدم من الاخبار وسيأتي أن نومه صلى الله عليه وآله كان كيقظته، وكان يعلم في النوم ما يعلم في اليقظة، فكيف ترك صلى الله عليه وآله الصلاة مع علمه بدخول الوقت وخروجه؟، وكيف عول على بلال في ذلك مع أنه ما كان يحتاج إلى ذلك؟ فمن هذه الجهة يمكن التوقف في تلك الأخبار، مع اشتهار القصة بين المخالفين. واحتمال صدورها تقية، ويمكن الجواب عن الاشكال بوجوه:
الأول: أن تكون تلك الحالة في غالب منامه صلى الله عليه وآله، وقد يغلب الله عليه النوم لمصلحة، فلا يدري ما يقع، ويكون في نومه ذلك كسائر الناس كما يشعر به بعض تلك الأخبار.
الثاني: أن يكون مطلعا على ما يقع، لكن لا يكون في تلك الحالة مكلفا بإيقاع العبادات، فإن معظم تكاليفهم تابع لتكاليف سائر الخلق، فإنهم كانوا يعلمون كفر المنافقين ونجاسة أكثر الخلق وأكثر الأشياء وما يقع عليهم وعلى غيرهم من المصائب وغيرها ولم يكونوا مكلفين بالعمل بهذا العلم.
الثالث: أن يقال: كان مأمورا في ذلك الوقت من الله تعالى بترك الصلاة لمصلحة مع علمه بدخول الوقت وخروجه.
الرابع: أن يقال: لا ينافي اطلاعه في النوم على الأمور عدم قدرته على القيام ما لم تزل عنه تلك الحالة، فإن الاطلاع من الروح، والنوم من أحوال الجسد.
قال القاضي عياض في الشفاء: فإن قلت: فما تقول في نومه صلى الله عليه وآله عن الصلاة يوم الوادي وقد قال: إن عيني تنامان ولا ينام قلبي؟
فاعلم أن للعلماء في ذلك أجوبة: