فاته كان حظر النوافل عليه قبل قضاء ما فاته من الفرض أولى، هذا مع الرواية عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: " لا صلاة لمن عليه صلاة " يريد أنه لا نافلة لمن عليه فريضة فصل: ولسنا ننكر أن يغلب النوم على الأنبياء عليهم السلام في أوقات الصلوات حتى تخرج فيقضوها بعد ذلك وليس عليهم في ذلك عيب ولا نقص، لأنه ليس ينفك بشر من غلبة النوم ولان النائم لا عيب عليه، وليس كذلك السهو، لأنه نقص عن الكمال في الانسان، وهو عيب يختص به من اعتراه، وقد يكون من فعل الساهي تارة كما يكون من فعل غيره، والنوم لا يكون إلا من فعل الله تعالى، فليس من مقدور العباد على حالة، ولو كان من مقدورهم لم يتعلق به نقص وعيب لصاحبه لعمومه جميع البشر، وليس كذلك السهو، لأنه يمكن التحرز منه، ولأنا وجدنا الحكماء يجتنبون أن يودعوا أموالهم وأسرارهم ذوي السهو والنسيان ولا يمتنعون من إيداعه من تعتريه الأمراض والأسقام، ووجدنا الفقهاء يطرحون ما يرويه ذووا السهو من الحديث إلا أن يشركهم فيه غيرهم من ذوي اليقظة والفطنة والذكاء و الحذاقة، فعلم فرق ما بين السهو النوم بما ذكرناه، ولو جاز أن يسهو النبي صلى الله عليه وآله في صلاته وهو قدوة فيها حتى يسلم قبل تمامها، وينصرف عنها قبل إكمالها، ويشهد الناس ذلك فيه ويحيطوا به علما من جهته لجاز أن يسهو في الصيام حتى يأكل ويشرب نهارا في شهر رمضان بين أصحابه وهم يشاهدونه، ويستدركون عليه الغلط، وينبهونه عليه بالتوقيف على ما جناه، ولجاز أن يجامع النساء في شهر رمضان نهارا، ولم يؤمن عليه السهو في مثل ذلك إلى وطي ذوات المحارم ساهيا، ويسهو في الحج حتى يجامع في الاحرام، ويسعى قبل الطواف، ولا يحيط علما بكيفية رمي الجمار، ويتعدى من ذلك إلى السهو في كل أعمال الشريعة حتى ينقلها عن حدودها، ويضعها في غير أوقاتها، ويأتي بها على غير حقائقها، ولم ينكر أن يسهو عن تحريم الخمر فيشربها ناسيا أو يظنها شرابا حلالا، ثم ينفصل بعد ذلك لما بين عليه من صفتها، ولم ينكر أن يسهو فيما يخبر به عن نفسه وعن غيره ممن ليس بربه بعد أن يكون منصوبا في الأداء، ويكون مخصوصا بالأداء، و تكون العلة في جواز ذلك كله أنها عبادة مشتركة بينه وبين أمته، كما كانت الصلاة عبادة مشتركة بينه وبينهم حسب اعتلال الرجل الذي ذكرت أيها الأخ عنه من إعلاله،
(١٢٧)