فسجد المسلمون، وكان سجودهم اقتداء به، وأما المشركون فكان سجودهم سرورا بدخوله معهم في دينهم، قالوا: وفي ذلك أنزل الله تعالى: " وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته (1) " يعنون في قراءته، واستشهدوا على ذلك ببيت من الشعر:
تمنى كتاب الله يتلوه قائما * وأصبح ظمآنا ومسد (2) قاريا فصل: وليس حديث سهو النبي صلى الله عليه وآله في الصلاة أشهر في الفريقين من روايتهم (3) أن يونس عليه السلام ظن أن الله تعالى يعجز عن الظفر به، ولا يقدر على التضييق عليه، و تأولوا قوله تعالى: " فظن أن لن نقدر عليه (4) " على ما رووه، واعتقدوه فيه، وفي أكثر رواياتهم أن داود عليه السلام هوى امرأة أوريا بن حنان، فاحتال في قتله، ثم نقلها إليه، ورواياتهم أن يوسف بن يعقوب عليهما السلام هم بالزنا وعزم عليه، وغير ذلك من أمثاله، ومن رواياتهم التشبيه لله تعالى بخلقه، والتجوير له في حكمه، فيجب على الشيخ الذي سألت أيها الأخ عنه أن يدين الله بكل ما تضمنته هذه الروايات ليخرج بذلك عن الغلو عليما ادعاه، فإن دان بها خرج عن التوحيد والشرع، وإن ردها ناقض في اعتداله وإن كان ممن لا يحسن المناقضة لضعف بصيرته والله نسأل التوفيق.
فصل: والخبر المروي أيضا في نوم النبي صلى الله عليه وآله عن صلاة الصبح من جنس الخبر عن سهوه في الصلاة، فإنه من أخبار الآحاد التي لا توجب علما ولا عملا، ومن عمل عليه فعلى الظن يعتمد في ذلك دون اليقين: وقد سلف قولنا في نظير ذلك ما يغني عن إعادته في هذا الباب، مع أنه يتضمن خلاف ما عليه عصابة الحق، لأنهم لا يختلفون في أن من فاتته صلاة فريضة فعليه أن يقضيها أي وقت ذكرها من ليل أو نهار ما لم يكن الوقت مضيقا لصلاة فريضة حاضرة، وإذا حرم أن يؤدي فريضة قد دخل وقتها ليقضي فرضا قد