الرجال، وارسل إليك جواري على رؤوس الجبال (1) بأيديهم المباخر والمعازف، وآمر عبيدي بالذبايح والعقائر، ويكون لك يوم مشهور، قال: يا خديجة إني أتيت ولم يعلم بي أحد من أهل مكة، فإن أمرتيني بالرجوع رجعت من هذه الساعة وتفعلين مرادك؟
فقالت له: يا سيدي امهل قليلا، ثم عملت له زادا ساخنا فوضعته في مزادة (2)، و كانت العرب تعرفه بنقائه وطيب ريحه، وملأت له قربة من ماء زمزم، وقالت له: ارجع أودعتك من طوى لك البعيد من الأرض، فرجع النبي صلى الله عليه وآله، ثم إن خديجة رجعت إلى موضعها لتنظر هل تعود القبة أم لا، وإذا بالقبة قد عادت وجبرئيل قد نزل، والملائكة قد أحدقوا بها كالأول، ففرحت خديجة بذلك، وأنشأت تقول:
نعم لي منكم ملزم أي ملزم * ووصل مدى الأيام لم يتصرم ولو لم يكن قلب المتيم (3) فيكم * جريحا لما سالت دموعي بالدم ولم يخل طرفي ساعة من خيالكم * ومن حبكم قلبي ومن ذكركم فمي ولو جبلا حملتموه بعادكم * لمال وما زال (4) جسمي وأعظمي أشد على كبدي يدي فيردها * بما فيه من وجد (5) من الشوق مضرم طويت الهوى والشوق ينشر طيه * وكتمت أشجاني فلم تتكتم فيا رب قد طالت بنا شقة (6) النوى * وأنت قدير تنظم الشمل فانظم قال: ثم إن النبي صلى الله عليه وآله سار قليلا والتحق بالقوم، وبعضهم يقظان (7)، و بعضهم رقود، فلما أحس به ميسرة قال: من الطارق (8) في هذا الليل العاكر (9)؟ قال: