ثم نهض ورقة وكان إلى جانب أخيه خويلد وقال: نريد مهرها المعجل دون المؤجل أربعمائة ألف (1) دينار ذهبا، ومأة (2) ناقة سود الحدق، حمر الوبر، وعشر حلل، وثمانية وعشرين عبدا وأمة، وليس ذلك بكثير علينا (3)، قال له أبو طالب: رضينا بذلك، فقال خويلد: قد رضيت وزوجت خديجة بمحمد على ذلك، فقبل النبي صلى الله عليه وآله عقد النكاح، فنهض عند ذلك حمزة وكان معه دراهم فنثرها على الحاضرين، وكذلك أصحابه، فقام أبو جهل لعنه الله وقال: يا قوم رأينا الرجال يمهرون النساء أم النساء (4) يمهرون الرجال؟ فنهض أبو طالب رضي الله عنه، وقال: ما لك يا لكع (5) الرجال، ويا رئيس الأرذال؟ مثل محمد صلى الله عليه وآله يحمل إليه ويعطى، ومثلك من يهدي ولا يقبل منه، ثم سمع الناس مناديا ينادي من السماء: إن الله تعالى قد زوج بالطاهر الطاهرة، وبالصادق الصادقة، ثم رفع الحجاب، وخرجت منه جوار بأيديهن نثار ينثرن على الناس، وأمر الله عز وجل جبرئيل أن يرسل على الناس الطيب على البر والفاجر، فكان الرجل يقول لصاحبه: من أين لك هذا الطيب؟ فيقول: هذا من طيب محمد، ثم نهض الناس إلى منازلهم، ومضى رسول الله صلى الله عليه وآله إلى منزل عمه أبي طالب رضي الله عنه، وأعمامه حوله، وهو كالقمر، فاجتمعت نسوان قريش ونسوان بني عبد المطلب وبني هاشم في دار خديجة، والفتيان (6) يضربن الدفوف، وبعثت خديجة من يومها أربعة آلاف دينار إلى رسول الله صلى الله عليه وآله، وقالت: يا سيدي انفذها إلى عمك العباس ينفذها إلى أبي، وأرسلت مع المال خلعة سنية، فسار بها العباس وأبو طالب إلى منزل خويلد وألبساه الخلعة، فقام خويلد من وقته وساعته إلى دار خديجة، وقال: يا بنتي ما الانتظار بالدخول؟ جهزي نفسك، فهذا مهرك قد أتوا به إلي، وأعطوني هذه الخلعة، والله
(٧٠)