أرسل الله عليه النوم، فنام، فأوحى الله تعالى إلى جبرئيل: أن اهبط إلى جنات عدن، وأخرج منه القبة التي خلقتها لصفوتي محمد صلى الله عليه وآله قبل أن أخلق آدم عليه السلام بألفي عام، وانشرها على رأسه (1)، وكانت من الياقوت الأحمر، معلقة بعلائق من اللؤلؤ الأبيض يرى باطنها من ظاهرها، وظاهرها من باطنها، لها أربعة أركان، وأربعة أبواب، ركن من الزبرجد، وركن من الياقوت، وركن من العقيان (2) وركن من اللؤلؤ، وكذا الأبواب، فنزل جبرئيل واستخرجها فتباشرت الحور العين، وأشرفت من قصورها، وقلن: لك الحمد يا رحمان، هذا الآن يبعث صاحب القبة وهبت ريح الرحمة، وصفقت الأشجار، ونشر جبرئيل عليه السلام القبة على رأس النبي صلى الله عليه وآله، وأحدقت الملائكة بأركانها، ثم أعلنوا (3) بالتقديس والتسبيح، ونشر جبرئيل بين يديه ثلاثة أحلام، وتطاولت الجبال، ونادت الأشجار والأطيار والاملاك، يقولون: لا إله إلا الله، محمد رسول الله صلى الله عليه وآله، هنيئا لك من عبد، ما أكرمك على الله تعالى؟ قال: وكانت خديجة متكئة على موضع عال وجواريها حولها، وعندها جماعة من نساء قريش، وهي تطيل النظر إلى شعاب مكة، إذ كشف الله تعالى عن بصرها دون غيرها، وقد نظرت (4) نورا ساطعا وضياء لامعا من جهة باب المعلى، ثم إنها حققت النظر فرأت القبة والمحدقين بها، ناشرين أعلامها، والنبي صلى الله عليه وآله نائم بها، فحارت في أمرها، فجعلت تنظر إليه، فقلن لها النسوة: ما لنا نراك باهتة يا بنت العم؟ فقالت: يا بنات العرب أنا نائمة أم يقظانة؟ فقلن: نعيذك بالله، بل أنت يقظانة، قالت لهن: انظروا (5) إلى باب المعلى وانظروا (6) إلى القبة، قلن: نعم رأينا، قالت لهن: وما
(٤٨)