ببلدكم هذا الرجل الذي يعطل أديانكم، ويسفه أحلاكم (1)، وقد دخل منزلي، و أكل من طعامي، وقتل أولادي، فلما سمعت اليهود ذلك منه ركبوا خيولهم، وجردوا سيوفهم، وحملوا على قريش بأجمعهم، فلما نظر أعمام النبي صلى الله عليه وآله إلى اليهود لبسوا دروعهم وبضهم (2) وركبوا خيولهم العربية، وارتفع الصياح، وشهروا الصفاح (3)، وقالوا: ما أبركه من صائح صاح (4)، وركب حمزة على جواده وهو أشقر مضمر، حسن المنظر، مليح المخبر، صافي الجوهر، من خيل قيصر، وتقلد سيفه، واعتقل رمحه، ولبس درعه، وحملي على اليهود فهناك جاشت عليهم الخيل من كل مكان، وحل بهم الوبال، فأجمع (5) رأيهم على أن ينفذوا منهم (6) سبعة رجال من رؤسائهم بلا سلاح، فلما رأتهم قريش من غير سلاح قالوا: ما شأنكم! قالوا: يا معشر العرب إن هذا الرجل الذي معكم - يعنون بذلك النبي صلى الله عليه وآله - أول من يبدئ بخراب دياركم، وقتل رجالكم، وتكسير أصنامكم، والرأي عندنا أن تسلموه لنا حتى نقتله ونستريح منه نحن وأنتم، فلما سمع حمزة الكلام قال: يا ويلكم هيهات هيهات أن نسلمه إليكم، فهو نورنا وسراجنا، ولو تلفت فيه أرواحنا فهي فداه دون أموالنا، فلما سمع اليهود ذلك آيسوا (7) من بلوغ مرادهم، ورجعوا على أعقابهم (8)، فلما عاين قريش اليهود وقد انقلب بعضهم على بعض رأوها فرصة
(٤٦)