يجدوا إلا بضائع خديجة، فباعها النبي صلى الله عليه وآله بأضعاف ما باعت قريش (1)، فاغتم أبو جهل لذلك غما شديدا، ولم يبق من بضائع خديجة إلا حمل أديم، فجاء رجل من اليهود يقال له سعيد بن قطمور، وكان من أحبار اليهود وكهانهم، وكان قد اطلع على صفة النبي صلى الله عليه وآله فلما نظر إليه عرفه بالنور، وقال: هذا الذي يسفه أحلامنا (2)، ويعطل أدياننا، ويرمل نسواننا، وأنا أحتال على قتله، ثم دنا من النبي صلى الله عليه وآله وقال: يا سيدي بكم هذا الحمل؟
فقال: بخمس مأة درهم، لا ينقص منها شئ، قال: اشتريت بشرط أن تسير معي إلى منزلي، وتأكل من طعامي حتى تحصل لنا البركة (3)، فقال النبي صلى الله عليه وآله: نعم، فأخذ اليهودي حمل الأديم وسار إلى منزله، وسار النبي صلى الله عليه وآله، فلما قرب اليهودي من منزله سبق إلى زوجته، وقال لها: أريد منك أن تساعديني على قتل هذا الذي يعطل أدياننا، قالت: وكيف أصنع به؟ قال: خذي فردة (4) الرحى واقعدي على باب الدار، فإذا رأيتيه قبض منا ثمن حمل الأديم وخرج أمي عليه فردة الرحى (5) حتى تقتليه، ونستريح منه، قال: فأخذت زوجة اليهودي الرحى، وطلعت على سطح الدار، فلما خرج النبي صلى الله عليه وآله همت أن تلقى عليه الرحى فأمسك الله يديها (6)، ورجف قلبها، وقد غشي (7) عليها من نور وجه رسول الله صلى الله عليه وآله، وكان لها ولدان قائمان (8) بفناء الدار فسقطت الرحى عليهما فماتا، فلما نظر اليهودي إلى ما جرى على أولاده نادى بأعلى صوته: يا بني قريظة فأجابوه من كل جانب ومكان، وقالوا له: ما ورائك؟ قال (9): اعلموا أنه قد حل (10)