العرب، وتملك سائر البلاد، وينزل عليك القرآن، وتدين لك الأنام، ودينك عند الله هو الاسلام (1)، وتنكس الأصنام، وتمحق الأديان، وتخمد النيران، وتكسر الصلبان، ويبقى ذكرك إلى آخر الزمان، فأسألك يا سيدي أن تتصدق علينا بالذمام لسائر الرهبان لتأخذ منهم أمتك الجزية في ذلك الزمان، فيا ليتني كنت معك حتى تبعث يا سيدي (2)، فأعطاهم النبي صلى الله عليه وآله الذمام، وأكرمهم (3) غاية الاكرام.
وقال الراهب لميسرة: يا ميسرة اقرأ مولاتك مني السلام، واعلم (4) أنها قد ظفرت بسيد الأنام، وأنه سيكون لك (5) شأن من الشأن، وتفضل على سائر الخاص والعام، واحذرها أن تفوتها القرب من هذا السيد، فإن الله تعالى سيجعل نسلها من نسله، وتبقى ذكرها إلى آخر الزمان، ويحسدها عليه كل أحد، وأعلمها أنه لا يدخل الجنة إلا من يؤمن به، ويصدق برسالته، وأنه أشرف الأنبياء وأفضلهم، وأصفاهم سريرة، واحذر عليه من أعدائه اليهود في الشام حتى يعود إلى بيت الحرام، ثم ودع الراهب وخرج النبي صلى الله عليه وآله ولحق بالقوم، وساروا من وقتهم وساعتهم إلى أن نزلوا بأرض الشام (6)، وحطوا رحالهم، فبادر أهل المدينة، واشتروا بضاعتهم، وباعت قريش بضائعها بأغلى أثمان، في أحسن بيع، وأما ما كان من النبي صلى الله عليه وآله فإنه لم يبع شيئا من بضاعته، فقال أبو جهل لعنه الله: والله ما رأت خديجة سفرة أشأم من هذه، لم يبع من بضاعتها شيئا (7)، فلما أصبح الصباح نادى العرب (8)، فلما أقبلت من كل جانب ومكان يريدون البضائع، فلم