بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٥ - الصفحة ٢٥٨
وخمدت نيران فارس، ولم تخمد قبل ذلك بألف عام، ورأي المؤبذان في تلك الليلة في المنام إبلا " صعابا " تقود خيلا " عرابا " (1)، قد قطعت دجلة، وانسربت في بلادهم، وانقصم طاق الملك كسرى من وسطه، وانخرقت عليه دجلة العوراء، وانتشر في تلك الليلة نور من قبل الحجاز ثم استطار حتى بلغ المشرق، ولم يبق سرير لملك من ملوك الدنيا إلا أصبح منكوسا "، والملك مخرسا " لا يتكلم يومه ذلك وانتزع علم الكهنة، وبطل سحر السحرة، ولم تبق كاهنة في العرب إلا حجبت عن صاحبها، وعظمت قريش في العرب، وسموا آل الله عز وجل.
قال أبو عبد الله الصادق عليه السلام: إنما سموا آل الله لأنهم في بيت الله الحرام، وقالت آمنة: إن ابني والله سقط فاتقى الأرض بيده، ثم رفع رأسه إلى السماء فنظر إليها، ثم خرج مني نور أضاء له كل شئ، وسمعت في الضوء قائلا " يقول: إنك قد ولدت سيد الناس فسميه محمدا "، وأتي به عبد المطلب لينظر إليه وقد بلغه ما قالت أمه، فأخذه فوضعه في حجره ثم قال: الحمد لله الذي أعطاني، هذا الغلام الطيب الاردان، قد ساد في المهد على الغلمان.
ثم عوذه بأركان الكعبة، وقال فيه أشعارا "، قال: وصاح إبليس لعنه الله في أبالسته فاجتمعوا إليه، فقالوا: ما الذي أفزعك يا سيدنا؟ فقال لهم: ويلكم لقد أنكرت السماء والأرض منذ الليلة، لقد حدث في الأرض حدث عظيم ما حدث مثله منذ رفع عيسى بن مريم عليه السلام، فاخرجوا وانظروا ما هذا الحدث الذي قد حدث، فافترقوا ثم اجتمعوا إليه فقالوا: ما وجدنا شيئا "، فقال إبليس لعنه الله: أنا لهذا الامر، ثم انغمس في الدنيا فجالها حتى انتهى إلى الحرم فوجد الحرم محفوظا بالملائكة، فذهب ليدخل فصاحوا به، فرجع ثم صار مثل الصر وهو العصفور فدخل من قبل حرى (2)، فقال له جبرئيل: وراك لعنك الله، فقال له: حرف أسألك عنه يا جبرئيل، ما هذا الحدث الذي حدث منذ الليلة في الأرض؟

(1) خيل عراب: كرائم سالمه من الهجنة.
(2) في المصدر: حراء، وهو بالكسر والمد وهو الأصح من القصر.
(٢٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 253 254 255 256 257 258 259 260 261 262 263 ... » »»
الفهرست