بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٥ - الصفحة ٢٢٨
قد أظلكم زمانه، وأدرككم أوانه، طوبى لمن أدرك صاحبه فبايعه (1)، وويل لمن أدركه ففارقه، ثم أنشأ يقول:
في الذاهبين الأولين من القرون لنا بصائر * لما رأيت مواردا " للموت ليس لها مصادر ورأيت قومي نحوها يمضي الأصاغر والأكابر * لا يرجع الماضي إليك ولا من الماضين غابر أيقنت أني لا محالة حيث صار القوم صائر فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: يرحم الله قس بن ساعدة، إني لأرجو أن يأتي يوم القيامة أمة وحده (2)، فقال رجل من القوم: يا رسول الله لقد رأيت من قس عجبا "، قال: وما الذي رأيت؟ قال: بينما انا يوما بجبل " في ناحيتنا يقال له: سمعان في يوم قائظ (3) شديد الحر إذا انا بقس بن ساعدة في ظل شجرة عندها عين ماء، وإذا حواليه سباع كثيرة، وقد وردت حتى تشرب من الماء، وإذا زأر سبع منها على صاحبه ضربه بيده، وقال: كف حتى يشرب الذي ورد قبلك، فلما رأيته وما حوله من السباع هالني ذلك ودخلني رعب شديد، فقال لي: لا بأس عليك، لا تخف إن شاء الله، وإذا أنا بقبرين بينهما مسجد، فلما آنست به قلت: ما هذان القبران؟ قال: قبر أخوين كانا لي يعبدان الله في هذا الموضع معي، فماتا فدفنتهما في هذا الموضع، واتخذت فيما بينهما (4) مسجدا " أعبد الله فيه حتى ألحق بهما، ثم ذكر أيامهما وفعالهما فبكى ثم قال:
خليلي هبا طال ما قد رقدتما * أجدكما لا تقضيان كراكما ألم تعلما أني بسمعان مفرد * وما لي بها ممن حببت سواكما أقيم على قبريكما لست بارحا " * طوال الليالي أو يجيب صداكما أبكيكما طول الحياة وما الذي * يرد على ذي عولة إن بكاكما كأنكما والموت أقرب غاية * بروحي في قبري كما قد أتاكما

(1) في المصدر: وبايعه.
(2) في المصدر: واحدة.
(3) قاظ اليوم: اشتد حره. ويوم قائظ: شديد الحر.
(4) في المصدر: ما بينهما.
(٢٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 223 224 225 226 227 228 229 230 231 232 233 ... » »»
الفهرست