ما بين عير واحد (1)، فخرجوا يطلبون الموضع، فمروا بجبل تسمى حداد (2)، فقالوا: حداد واحد سواء، فتفرقوا عنده، فنزل بعضهم بفدك، وبعضهم بخيبر، وبعضهم بتيماء، فاشياق الذين بتيماء إلى بعض إخوانهم، فمر بهم أعرابي من قيس فتكاروا منه، وقال لهم: أمر بكم ما بين عير واحد، فقالوا له: إذا مررت بهما فارناهما، فلما توسط بهم ارض المدينة قال لهم: ذاك عير، وهذا أحد، فنزلوا عن ظهر إبله فقالوا له: قد أصبنا بغيتنا فلا حاجة لنا في إبلك، فاذهب حيث شئت، وكتبوا إلى إخوانهم الذين بفدك وخيبر أنا قد أصبنا الموضع فهلموا إلينا، فكتبوا إليهم: أنا قد استقرت بنا الدار، واتخذنا الأموال، وما أقربنا منكم، وإذا كان ذلك فما أسرعنا إليكم، فاتخذوا بأرض المدينة الأموال، فلما كثرت أموالهم بلغ تبع فغزاهم فتحصنوا منه فحاصرهم، وكانوا يرقون لضعفاء أصحاب تبع فيلقون إليهم بالليل التمر والشعير، فبلغ ذلك تبع فرق لهم وآمنهم، فنزلوا إليه، فقال لهم: إني قد استطبت بلادكم ولا أراني إلا مقيما " فيكم، فقالوا له: إنه ليس ذلك لك، إنها مهاجر نبي، وليس ذلك لاحد حتى يكون ذلك، فقال لهم: فإني مخلف فيكم من أسرتي (3) من إذا كان ذلك ساعده ونصره، فخلف فيهم حين بوأهم الأوس والخزرج (4)، فلما كثروا بها كانوا يتناولون أموال اليهود، فكانت اليهود يقول لهم: أما لو بعث محمد لنخرجنكم من ديارنا وأموالنا، فلما بعث الله محمدا " عليه الصلاة والسلام آمنت به الأنصار، وكفرت به اليهود، وهو قول الله:
(٢٢٦)