النمل، فلما رأى عبد المطلب هذا عرف موضع زمزم، فقال لقريش: إني عبرت (1) في أربع ليال في حفر زمزم فهي مآثرتنا وعزنا فهلموا نحفرها، فلم يجيبوه إلى ذلك، فأقبل يحفرها هو بنفسه، وكان له ابن واحد وهو الحارث، وكان يعينه على الحفر، فلما صعب ذلك عليه تقدم إلى باب الكعبة ثم رفع يديه ودعا الله عز وجل، ونذر له إن رزقه عشر بنين أن ينحر أحبهم إليه تقربا " إلى الله عز وجل، فلما حفر وبلغ الطوي طوي إسماعيل وعلم أنه قد وقع على الماء كبر وكبرت قريش فقالوا: يا أبا الحارث هذه مآثرتنا ولنا فيها نصيب، قال لهم: لم تعينوني على حفرها هي لي ولولدي إلى آخر الأبد (2).
تبيين: عمى عليه الامر: التبس، قال الجزري: في حديث زمزم أتاه آت فقال:
احفر برة سماه برة لكثرة منافعها وسعة مائها، وقال الفيروزآبادي: طيبة بالكسر: اسم زمزم، وقال الجزري: فيه احفر المضنونة، أي التي يضن بها لنفاستها وعزتها، وقال: فيه أرى عبد المطلب في منامه احفر زمزم لا تنزف ولا تذم، أي لا يفنى ماءها على كثرة الاستسقاء، ولا تذم، أي لا تعاب، أولا تلفى مذموما " من أذممته: إذا وجدته مذموما "، وقيل: لا يوجد ماءها قليلا " من قولهم: بئر ذمة: إذا كانت قليلة الماء: وقال: الغراب الأعصم: الأبيض الجناحين، وقيل: الأبيض الرجلين انتهى.
والمآثرة بفتح الثاء وضمها: المكرمة، والطوي على فعيل: البئر المطوية بالحجارة.
96 - الكافي: عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن القاسم بن يحيى، عن جده الحسن بن راشد قال: سمعت أبا إبراهيم عليه السلام يقول: لما احتفر عبد المطلب زمزم وانتهى إلى قعرها خرجت عليه من أحد جوانب البئر رائحة منتنة أفظعته فأبى أن ينثني (3) وخرج ابنه الحارث عنه، ثم حفر حتى أمعن (4) فوجد في قعرها عينا " تخرج عليه برائحة المسك، ثم احتفر